وما ذكره هنا من الاستدلال بقصة عائشة سهو، فإن عائشة إنما سئلت عن الفرق بالنسبة إلى القضاء لا بالنسبة إلى الأداء، وقد تقدم لفظه قريبًا، فراجعه.

قوله: والصحيح عند الجمهور: أن الحائض ليست مخاطبة بالصوم في حال الحيض.

ثم قال بعد ذلك: قال بعضهم: وفائدة الخلاف تظهر إذا قلنا: إنه يجب التعرض للأداء والقضاء في النية. انتهى كلامه.

ومعناه: أنا إن قلنا بوجوبه عليها نوت القضاء، وإلا نوت الأداء، فإنه وقت توجه الخطاب عليها، وهذه الفائدة التي نقلها عن بعضهم وأقرها قد رأيتها مصرحًا بها في كتاب ((الذخائر)) بالتقرير الذي ذكرته والتعليل، والذي قاله غير صحيح، فإنه لا يلزم من كونه وقت توجه الخطاب أن يكون أداء، بل هو قضاء على كل حال، لخروج وقته الأصلي، بدليل من استغرق الوقت بالنوم مثلًا فإن الصلاة التي يفعلها بعد ذلك قضاءٌ بلا نزاع، حتى أول العلماء قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن ذلك وقتها))، على وقت الفعل.

ورأيت لبعض الفضلاء- ممن قدم إلى ديار مصر بعد وفاة صاحب ((الذخائر)) بقليل- تصنيفًا قد شرع فيه في الرد على ((الذخائر))، فوضع على الربع الأول منها مجلدة لطيفة أبدى فيها مناقشات وتصحيفات وغير ذلك وقت لمصنفها، إلا أن فيه تعصبًا بينًا وتحاملًا غالبًا أنبأ عن شدة حسد- نعوذ بالله من ذلك- وهذا الموضع من جملة المواضع التي تكلم فيها، فقال في أثناء كلامه عليه: وكيف نقول إذا نوت الأداء؟ هل نقول: أداء صوم شهر رمضان، أو: أداء صومٍ ما، غير مضاف إلى ((رمضان))، وكل منهما لا يمكن صحته، ولقائل أن يجيب عن هذا المنع بما ذكره في القسم الأول والتزام صحته.

قوله: وقد أفهم كلام الشيخ أن التيمم لا يقم مقام الغسل في إباحة ما ذكرناه إذا وجد شرطه، ولا شك في أنه يقم مقامه. انتهى.

وما اقتضاه كلامه من عدم الخلاف فيه ليس كذلك، فإن التيمم الواقع في الحضر في هذه الحالة فيه وجهان مشهوران نقلهما المصنف في آخر باب التيمم عن القاضي الحسين والخوارزمي:

أحدهما: أنه يقوم مقام الغسل في إباحة هذه الأشياء كما في السفر.

والثاني: أنه لا يحل به غير الفرض، فتحرم معه قراءة ما زاد على الفاتحة وما في معناها من النوافل، وفي الفاتحة وجهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015