قوله: ولك أن تقول: الخلاء- بفتح الخاء، مقصور- النابت ما دام رطبًا، وكذلك العشب، فإذا يبس فهو الحشيش والهشيم، ولا يقال له رطبًا: حشيش ... إلى آخر كلامه.
اعلم: أن اختصاص الحشيش باليابس نقله البطليوسي في كتاب ((الاقتضاب شرح أدب الكتاب)) عن الأصمعي خاصة، ثم حكى عن أبي حاتم أنه سأل أبا عبيد، فقال: يكون للرطب واليابس. وهو يبطل ما ادعاه المصنف. ثم إن الجوهري قد قال في الكلام على ((حش)): إن الحشيش هو اليابس خاصة))، كما نقله المصنف، لكنه قال في لفظة ((خلا)): الخلا مقصور: هو الرطب من الحشيش. هذا كلامه، فجعل ((الحشيش)) يطلق على الرطب.
قوله: وألحق الأصحاب بجواز قطع الإذخر ما يتداوى به كالسنا، لأن إباحة الإذخر إنما كانت لأجل الانتفاع، فألحق به ما ينتفع به دواء، وفي ((الوسيط)) حكاية وجه آخر: أنه لا يلحق بالإذخر غيره- وإن مست إليها الحاجة كما في الإذخر- وحكاه الإمام عن رواية عن رواية صاحب ((التلخيص)). انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا النقل عن صاحب ((التخليص))، وحكاية نقله عن الإمام- غلط أيضًا، فإن صاحب ((التلخيص)) قال ما نصه: ولا يقطع من حشيش الحرم إلا ثلاثة، وهو الإذخر، وما كان لدواء، وما أنبته الناس. هذا لفظه بحروفه، ومنه نقلت، وأما الإمام فإنه إنما نقله عن الشيخ أبي على في ((شرح التلخيص)) فقال ما نصه: فلو مست الحاجة إلى شيء من كلأ الحرام في دواء فهل يجوز قطعة، تشيبهًا بالإذخر؟ فعلى وجهين ذكرهما الشيخ في ((شرح التخليص)). هذا لفظ الإمام بحروفه.
الأمر الثاني: أن حكاية الخلاف في جواز القطع للدواء غلط، فإن الإمام قد نقله عن الشيخ أبي علي كما تقدم، فتابع الإمام علي ذلك من جاء بعده كالغزالي والرافعي وغيرهما، مع أن المذكور- أعني الشيخ- إنما حكى التردد في وجوب الضمان خاصة، فقال بعد حكاية استثناء الثلاثة المتقدمة عن ((التلخيص)) ما نصه: والثاني: قال: ما كان لدواء فله قطعه. قلت: يحتمل إذا قطع أن يكون عليه الفدية، لأنه قطعه لحاجته، فصار كما لو قتل الصيد للمجاعة، واحتمل أن يكون الجواب على ما ذكره، لأنه إنما يبيح له قطع الحشيش للقبور والبيوت ولعلف الدواب للحاجة، وحاجته إلى الدواء أعظم من حاجته إلى علف الدابة، ولا تكون حاجته دون حاجة دابته، فلهذا