قوله: ويجب عليه القضاء من حيث أحرم، لأنه تعين عليه بالشروع فيه.

ثم قال ما نصه: وهذا بخلاف ما لو أحرم في أول أشهر الحج بالحج أو بالعمرة في شهر من شهور السنة، لا يلزمه قضاء الإحرام في ذلك الوقت، والفرق: أن الإحرام من الأمكنة المعينة مما يلزم بالنذر، فلزم بالشروع، ولا كذلك الأزمنة، فإنه لو نذر الإحرام من أول شوال- مثلًا- لم يجب عليه مراعاة الزمان في إحرامه، قال الرافعي: وهذا الفرق لا يسلم عن نزاع، وقد قال القاضي الحسين: إن فيه إشكالًا، لأن طول الإحرام عبادة، وما كان عبادة يلزم بالنذر. انتهى كلامه.

وفيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره هاهنا من أن زمان الإحرام لا يتعين بالنذر، ولم يحك فيه خلافًا- قد ناقضه في كتاب النذر، فإنه حكى فيه وفي تعيين مكان الإحرام وجهين، وصحح منهما التعيين، وستعرف لفظه في موضعه.

الأمر الثاني: أن كلامه في النقل عن القاضي يوهم أنه مستشكل لهذا الحكم، لا قائل باللزوم، وليس كذلك، بل قد ذهب إلى أن الزمان كالمكان في وجوب الإحرام منه بالنذر وبالإفساد، كذا نقله عنه تلميذه صاحب ((التتمة)) في الاستئجار للحج في الكلام على تعيين الميقات.

قوله: ولو كان قد أحرم في الأداء دون الميقات نظر: فإن كان قد عاد إلى وطنه أحرم في القضاء من الميقات، وإن لم تعد إليه فكذلك على أحد الوجهين، وهو المختار في ((المرشد)) وغيره، وبه جزم البغوي وغيره. ومقابله: أنه يحرم به من حيث أحرم في الأداء، وهو ما اقتضاه إطلاق الشيخ، وصححه الشيخ أبو علي. انتهى كلامه.

وما نقله عن صاحب ((التهذيب)) من أنه إذا لم يعد يجب عليه- أيضًا- أن يحرم من الميقات، وأنه جزم بذلك- غلط، فإن صاحب ((التهذيب)) لم يذكر هذه المسألة، وإنما تكلم فيما إذا عاد، ففي ((التهذيب)) لم يذكر هذه المسألة، وإنما تكلم فيما إذا عاد، ففي ((التهذيب)) ما نصه: قال الشيخ: فإن كان قد جاوز الميقات غير مريد للنسك، ثم بدا له أن يحرم، فأحرم، ثم أفسد الحج- قال- رحمه الله-: يجب أن يحرم من الميقات في القضاء، فإن جاوزه ثم أحرم فعليه دم، لأنه جاوزه مريدًا للنسك. هذا لفظه، فهذا التعليل الذي ذكره، وهو المجاوزة على إرادة النسك- يبين أن صورة المسألة فيما إذا عاد إلى بلده كما هو الغالب، أو ما هو في معنى بلده مما يحاذي الميقات أو فوقه، وانتهى إلى الميقات على قصد النسك، وإلا لم يصح التعليل المذكور، فإنه قد يجاوز الميقات لحاجة، ثم يعن له عند انتهائه إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015