لما يحرم من أنواع الطيب قال ما نصه: فهذا قولنا فيما يكون طيبًا، وقد ذكر بعض المصنفين أن من أصحابنا من يعتبر عادات كل ناحية فيما تتخذ طيبًا، وهذا فاسد مشوش للقواعد، ولا خلاف أن ما يطعم في قطر ملتحق بالمطعومات في الربا. هذا لفظه بحروفه، وهو صريح في تعميمه، لا في البان بخصوصه، والذي أوقع المصنف فيما وقع فيه: أن البان وقع تأخيره عن سائر أنواع الطيب، وتعقيب هذا النقل له على سبيل الاتفاق، فتوهم المصنف عوده إليه لعدم تأمله للكلام بآخره.
الثالث: أن ما قاله- رحمه الله- من الرد على الرافعي بهذا الكلام المنقول عن القاضي، كلام عجيب، فإنه ليس فيه إلا أن البان طيب، وليس فيه تقييد بكونه منشوشًا أو غير منشوش، وهذا هو عين ما نقله الرافعي عن الجمهور.
واعلم أن ((الزئبق)): بزاي معجمة مفتوحة، ثم نون ساكنة، ثم باء موحدة مفتوحة، ثم قاف، قال في ((شرح المهذب)): هو دهن الياسمين الأبيض، قال: ولم يخصه الجوهري بالأبيض، وهو لفظ عربي.
وأما ((المشوش)): فبميم مفتوحة، ونون ساكنة، وشينين معجمتين- هو المغلي، قال الجوهري: النشيش: صوت الماء وغيره إذا على.
قوله: ويجوز له النيلوفر والبنفسج، لأنهما لا يتخذ من يابسهما طيب، فأشبها الأترج والسفرجل، قال الإمام: وفي النفس من الأترج والنارنج شيء، وألحق التفاح بالسفرجل، وستعرف ما حكاه غيره فيه. انتهى. يعني أن غير الإمام قد حكى في التفاح ما يخالف كلام الإمام، ثم ذكر بعد ذلك ما أحال هذا الموضع عليه، فقال بعد حكاية القولين في الريحان الفارسي ما نصه: والريحان الفارسي هو الضميران المذكور في باب جامع الأيمان، والقولان يجريان- أيضًا- كما قال في ((المهذب)) في النرجس والنبق، وكذا في التفاح والمرزنجوش، كما قال البندنيجي تبعًا للشيخ أبي حامد والقاضي الحسين. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدهما: أنه كما فسر الريحان الفارسي هنا بالضميران المذكور في الأيمان فسر الضيمران المذكور هناك بالريحان الفارسي المذكور هنا، وهو تفسير دوري وقع غيره فيه أيضًا.
الأمر الثاني: أن ما حكاه الشيخ في ((المهذب)) من جريان القولين في النبق غلط، فإن النبق لا ذكر له فيه بالكلية، ولهذا لم يتعرض له النووي في ((شرحه)) له، ويبعد