قوله: والعمرة واجبة في أصح القولين، والثاني: لا، لما روى الترمذي عن جابر أنه- عليه الصلاة والسلام- سئل عن العمرة: أهي واجبة؟ فقال: ((لا، وأن تعتمر فهو أفضل))، وأجاب الأول عن الحديث بأن في رجاله ابن أرطاة وابن لهيعة وهما ضعيفان. انتهى.
وما ذكره من أن الحجاج بن أرطاة رفعه فقد قال غيره: فإن الترمذي رواه عنه عن محمد ابن المنكدر عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان المحفوظ- كما قاله البيهقي- إنما هو وقفه على جابر. وأما دعواه أن ابن لهيعة رواه عن جابر مرفوعًا فغلط وقع لصاحب ((المهذب))، فقلده فيه المصنف، بل الذي رواه المذكور إنما هو عدم الوجوب، قال البيهقي: روى ابن لهيعة عن عطاء عن جابر أنه- عليه الصلاة والسلام- قال: ((الحج والعمرة فريضتان واجبتان)) قال: إلا أن إسناده ضعيف. وقد ذكر النووي في ((شرح المهذب)) - أيضًا- هذا الاعتراض.
وابن لهيعة: هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي قاضي مصر، ويكنى أبا عبد الله. ولهيعة: بلام مفتوحة، ثم هاء مكسورة، بعدها ياء بنقطتين من تحت، وبالعين المهملة، لم يذكر له الجوهري، ولم يزد على قوله: إنه اسم رجل.
قوله: وإذا دخل إلى مكة لحاجة لا تتكرر ففي وجوب الإحرام قولان: فإن أوجبنا فتركه فقد قيل: لا قضاء عليه، لعدم إمكانه، فإنه لو خرج ليقضي فعوده يقتضي إحرامًا جديدًا، فلا يمكنه تأدية القضاء لذلك. وعلى هذا: لو صار حطابا أو صيادًا وجب عليه، ونسب في ((المهذب)) ذلك إلى صاحب ((التخليص)). وقيل: يجب القضاء، وطريقه: أن يتصور بعبور المترددين الذين لا يلزمهم الإحرام للدخول كالحطابين، وينسب هذا- أيضًا- إلى صاحب ((التلخيص))، قال الإمام: وهو في غاية البعد. انتهى كلامه.
وهذا النقل المذكور ثانيًا عن صاحب ((التخليص)) غلط، فإن الذي ذهب إليه هو ما نقله في ((المهذب)) عنه، فقال في أول الحج من ((التخليص)) ما نصه: وكل عبادة