وبه قال عامة أصحابنا-: تكرر المد بتكرر السنين، وعلى هذا: لو كان عليه قضاء أيام، ولم يبق بينه وبين رمضان السنة الثانية ما يتأتى فيه قضاء جميعها- فهل يلزمه في الحالة الفدية عما لا يسعه الوقت، أم لا يلزمه إلا بعد مجيء رمضان؟ فيه وجهان. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن ((البحر)) وإن كان صحيحًا، لكنه رجح خلافه فقال: الأظهر عندي: أن المد لا يتكرر.
الثاني: أن الخلاف في وجوب الفدية عما لا يسعه الوقت قبل مجيء رمضان لا ينبني على الخلاف في تكرر الفدية بتكرر السنين، بل هو جاز على القول بالتكرار، وبخلافه.
قوله- فيما إذا فاته الصوم بغير عذر-: قال في ((التهذيب)) - والحالة هذه-: ليس له التأخير بعذر السفر، فلو أخره وفعله قبل أن يأتي رمضان آخر: إما لسفر، أو لغيره- قال في ((التتمة)): فلا شيء عليه. انتهى.
وهذا الكلام يوهم إيهامًا ظاهرًا أن صاحب ((التتمة)) يقول: إذا أدركه رمضان قبل فعله تلزمه الفدية، سواء كان بعذر السفر أم لا، وليس كذلك، فقد صرح صاحب ((التتمة)) بأنه إذا تركه لغير عذر، وأخره بعذر السفر حتى دخل رمضان آخر- فلا شيء عليه، وكلامه في الحقيقة معارض لكلام البغوي.
قوله: ولو مات بعدما أدركه رمضان، وتمكن من القضاء قبله: فهل يقضى عنه مدان أو مد واحد؟ فيه وجهان: فإن قلنا بالمد فالذي حكاه ابن الصباغ: أنه بدل الصوم، فإذا أخرجه زال التفريط بالتأخير، فلم يجب لأجله شيء، والذي حكاه أبو الطيب والبندنيجي: أنه في مقابلة التأخير، ويسقط حكم القضاء، لأن التأخير إذا انجبر فكأن العذر اتصل إلى الموت، وإذا اتصل العذر كان القضاء غير واجب، وهذا قد نسبه القاضي الحسين إلى الإصطخري، وحكى الماوردي عن ابن سريج أنه قال: يجب عليه مد واحد، لأن الفوات يضمن بالمد الواحد. انتهى كلامه.
وما حكاه عن البندنيجي فقد صرح البندنيجي في ((الذخيرة)) بخلافه، فقال: وقال أبو العباس: مد واحد لأجل الفوات، ولا شيء للتأخير، كما لو مات قبل خروج وقت القضاء. هذا لفظه، غير أن المصنف إنما ينقل من ((التعليقة)) المعروفة بـ ((شرح المذهب))، وفيها ما ذكره المصنف.