ينفي حقيقة الوصال، ومقتضى كلامه: أن حصول الفطر بهما من كلام القاضي وابن الصباغ، فأما القاضي فمسلم، فإنه قد ذكر في ((تعليقه)) ما يؤخذ منه، وأما ((الشامل)) فلا، بل فيه العكس، فإنه قال: فأما قوله: ((يطعمني ويسقيني)) فمن الناس من قال يطعم ويسقى على الحقيقة من الجنة، ومنهم من قال: إنما أراد بذلك أنه يقويه ويعينه بمنزلة ما يحصل من الطعام والشراب، ولو كان إطعامًا على الحقيقة لم يكن مواصلًا. هذا كلام ((الشامل)).
قوله: ((فإن شوتم فليقل: إني صائم)).
ثم قال ما نصه: قال في ((الشامل)) - وتبعه الرافعي-: قال أصحابنا: وليس معناه: أن يقول ذلك بلسانه لخصمه، فإن ذلك يشبه المراءاة في العبادة، ولكن معناه: أنه يقول لنفسه: إني صائم، فيكف لسانه عنه. ثم قال ابن الصباغ: ويحتمل إجراء اللفظ على ظاهره ويقوله، لا لقصد الرياء. انتهى كلامه.
وما نقله عن ((الشامل)) من حكاية ذلك عن الأصحاب فغلط، فإنه لم ينقله عنهم ولا عن أحد منهم، بل عن بعض الناس، فإنه قال: عن بعض الناس أنه قال: هذا لا يتلفظ به. هذه عبارة ((الشامل)) بحروفها.
قوله: وعن القاضي الحسين أنه قال: والغالب أنه في ((الفتاوي)): الأولى في زماننا أن يفطر على ماء يأخذه بكفه من النهر، ليكون أبعد عن الشبهة، فإن الشبهات قد كثرت فيما في أيدي الناس. انتهى كلامه.
واعلم أن القاضي لم يتعرض في ((فتاويه)) لهذه المسألة بالكلية، على خلاف ما ظنه من كونه فيها، وأما ((التعليقة)) فإنها مختلفة، كما أوضحناه في مقدمة ((المهمات))، فالتعليقة التي وقعت للمصنف قد جزم فيها بما قاله غيره، فقال- بعد الكلام على أن الصائم ينزه صومه من الكلام القبيح-: إن من سسن الصوم الإفطار على تمر، فإن لم يكن فمذقة لبن، فإن لم يكن فشربة من نهر، وإلا فليصب من الكوز على اليد. هذا كلامه، فجعل الشرب من النهر في ثالث مرتبة، ولأجل الجزم بالمقالة المشهورة في النسخة الواقعة للمصنف ظن أن ذلك في ((فتاويه))، وأما النسخة الأخرى ففيها ما نقله الرافعي عنه، ذكر ذلك في آخر كتاب الصيام، وقد اجتمع التعليقان عندي، والحمد لله تعالى.
قوله: الثاني: لو أخر القضاء رمضانين أو أكثر، فالأصح في ((الحاوي)) والمذهب في ((تعليق)) البندنيجي: أنه يجب مد واحد. والصحيح في ((النهاية)) - قال في ((البحر)):