وطئها في الموضع المكروه. هذا لفظ القاضي، ولم يذكر في ((تعليقه)) مع الاستيعاب غير ذلك.
وأما البندنيجي فقال في ((الذخيرة)): مسألة: وسواء الواطئ في القبل أو في الدبر فإن الكفارة تجب، وقال أبو حنيفة: عليه القضاء دون الكفارة.
ثم قال: فإن كانا صائمي، فطاوعته، فأتاها في القبل- ففيه قولان، وإنما فرضنا الوطء في القبل، ليتصور الخلاف مع أبي حنيفة. هذا لفظه في ((الذخيرة))، فتصريحه بأن التقييد إنما هو لأجل مذهب أبي حنيفة صريح في أنه لا فرق على مذهبنا. وأما في ((تعليقه)) الذي ينقل عنه المصنف، وهو الذي قال في خطبته: إنه ((تهذيب المذهب)) ويعرف أيضًا بـ ((شرح المذهب)) - فقد رأيت هذا التعليق، بل النسخة التي كان المصنف ينقل منها، فلم أر فيه إلا عكس ما ذكره، فإنه حكى في أول المسألة قولين في أنه هل تجب على المرأة أم لا، وفرع عليهما، ثم قال بعد ذلك ما نصه: وكل حكم ذكرناه بالوطء في القبل فهو في الوطء في الدبر سواء لا يختلفان على ما فصلناه، وسواء كان من الأجنبية أو من امرأته أو من الغلام. هذا لفظه بحروفه، ولم أر فيه- بعد التتبع- غيره، ولم يتعرض في ((تعليقه)) الذي علقه عن الشيخ أبي حامد لحكاية عدم الوجوب عليها، فضلًا عن دعوى الاتفاق عليه، بل ذرك ما يؤخذ منه الوجوب، فإنه لما نقل عن أبي حنيفة أن الكفارة لا تجب بالوطء في الدبر شرع يذكر طريقًا في الرد عليه فقال: إن أخبرت أن تدل على الكفارة فقل: فرج يجب الحد بالإيلاج فيه، فجاز أن تجب الكفارة بالإيلاج فيه كالقبل. هذا لفظه، ووجوب الحد بالإيلاج لا فرق فيه بين الرجل والمرأة، فكذلك الكفارة.
وقد ذكر في كتاب النكاح في باب إتيان النساء في أدبارهن ما هو أصرح من ذلك، فقال: فإذا تقرر أن الوطء في الموضع المكروه محرم، فكل ما تعلق به من إفساده عبادة وإيجاب كفارة وغسل فإنه يتعلق به كتعلقة بالوطء في الفرج، فإذا وطئها في الموضع المكروه وهما صائمان أفطرا، وعليهما الكفارة. هذا لفظه.
وقد ذكر النووي هنا في ((شرح المهذب)) ما هو كالصريح في عكس ما قاله ابن الرفعة، فقال: حكم اللواط وحكم وطء المرأة في دبرها حكم الوطء في جميع ما سبق. وذكر المتولي في ((التتمة)) في آخر الباب الثاني من كتاب الصداق أصرح من ذلك، فقال: الوطء في الدبر إنما يتقاصر عن المجامعة فيما يتضمن تكميلًا مثل التحصين والتحليل، أو يوجب تخفيفًا مثل الخروج عن موجب العنة والإيلاء، فأما