قوله: وعلل أبو طاهر الزيادي عدم الوجوب على المرأة بأنها أفطرت بوصول أول جزء من الحشفة، وحكم الجماع إنما يترتب على إدخال الحشفة، فأفطرت لا بالجماع.
ثم قال: وعبارة الرافعي: أن الأكثرين زيفوه- أعني قول الزيادي- بأن قالوا: يتصور فساد صومها بالجماع بأن يولج وهي نائمة أو ناسية أو مكرهة، ثم تستيقظ أو تتذكر أو تطاوع بعد الإيلاج، وتستديمه، والحكم لا يختلف على القولين. قال بعض الفضلاء: وهذا لا يتوجه به فساد قول الزيادي. وأنا أقول: فساد قول الزيادي ظاهر بما حكاه القاضي الحسين عنه، فإنه قال في ((التعليق)): وكان الزيادي يقول: لا يتصور الخلاف في هذه المسألة، لما ذكرناه من العلة، قال القاضي: إلا أنهم يصورنه فيما لو جومعت مكرهة فطاوعت في أثنائه، أو ناسية فتذكرت في خلاله فأصرت على ذلك، ففطرها حصل بالجماع لا محالة. انتهى كلامه.
وما قيل من أن فساده ظاهر بما حكاه عنه القاضي، إن أراد أن الإفساد جاء من مطاوعتها بعد الإكراه وتذكرها بعد النسيان ونحوهما، وهو الظاهر- فهو عين ما حكاه الرافعي وغيره، وأيضًا: فقد صرح هو في عبارته بأن القاضي لم ينقله عنه. وإن أراد به ما قاله من كونه لا يتصور فيه الخلاف، فهذا هو الكلام الذي يحاول إفساده، فيكون هو الفاسد لا المفسد، ولم يذكر المصنف مستند ما ادعاه هذا الفاضل من كونه لا يتوجه به إفساد قول الزيادي، والظاهر: أن الإشارة إلى ما قبل كلام الرافعي وهو اتفاق الأئمة على أن القياس وجوب الكفارة عليها، وعدم توجهه على الزيادي ظاهر، وأما عوده إلى ما نقله الرافعي فغير مستقيم.
قوله: أما إذا كان الوطء في الموضع المكروه فالحكم في القضاء كما تقدم، وكذا الكفارة في حق الرجل، وأما المرأة فلا يجب عليها وفاقًا كما قال القاضي أبو الطيب والبندنيجي، وكذا حكم الرجل في الدبر. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من دعوى الوفاق في المرأة، وأن نقل ذلك عن أبي الطيب والبندنيجي- فلا أصل له:
أما أبو الطيب فإنه لم ينقل شيئًا من ذلك، إلا أنه في ((تعليقه)) - وهي التي يريدها المصنف- نقل عن أبي حنيفة أن الواطئ في الدبر لا كفارة عليه وأن الموطوءة في القبل تجب عليها كفارة كما تجب على الرجل، فاستدل القاضي على أبي حنيفة في إيجابه على المرأة، بقوله: إنها موطوءة، فلم تجب عليها كفارة الوطء، أصله: إذا