وما حكاه عن الرافعي في هذه المسألة فإنه سهو، فإن الرافعي إنما حكاه في اقتلاع النخامة- أي: بالقاف- وهو إخراجها من الباطن إلى الظاهر، وأما في الابتلاع- أي: بالباء- فصحح الفطر، ولم يذكر فيه هذه المقالة.
قوله: وفي معنى الاحتقان ما إذا قطر في إحليله شيئًا، أو أدخل فيه مبضعًا فوصل إلى مثانته. انتهى.
والمبضع- بكسر الميم- هو ما يبضع به اللحم، أي: يقطع، ومنه: ((فاطمة بضعةٌ مني)) - بفتح الباء- أي: قطعة. ولا شك أن الذي يقطع اللحم به لا يدخله عاقل في إحليله، بل الذي يدخل فيه شيء كالمردود يسمى: المسبار- بالسين والباء الموحدة- من ((السبر)) وهو الاختبار، لأن ذلك يفعل لاختبار موضع الحصاة التي تسد مجرى البول، نسأل الله تعالى العافية!
ثم إن التقطير- أيضًا- أحد نوعي الاحتقان، ثم إن الإحليل- كما قال الجوهري- إنما هو مخرج البول خاصة، فاعلم ذلك.
قوله: وعليه القضاء وإمساك بقية النهار، أي: على من تعدى بشيء من المفطرات.
ثم قال ما نصه: وهل يجب مع ذلك شيء آخر؟ ينظر: إن كان فطره بالجماع فنعم، وهو الكفارة لا غير، وإن كان بغيره فالتعزير. انتهى كلامه.
وحاصله: أن التعزير لا يجب على المجامع، وهو خلاف الإجماع كما أوضحته في باب التعزير، فراجعه.
قوله- في قول الشيخ: ((وإن أكل، أو شرب، أو استعط، أو احتقن، أو صب الماء في أذنه فوصل إلى دماغه، أو طعن جوفه أو طعن بأذنه، أو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه، أو استقاء، أو جامع أو باشر فأنزل- بطل صومه)) -: فإن فعل ناسيًا أو جاهلًا بالتحريم، أو فعل به شيء من لك مكرهًا- لم يبطل.
ثم قال: وصورة الجهل: أن يقدم على ذلك، لكونه حديث عهد بإسلام، أو نشأ في بادية بعيدة، كما قاله البغوي، وتبعه الرافعي. انتهى.
وما نقله عن البغوي والرافعي من تقييد جهل الاستقاءة ونحوها بما ذكره، لم يتعرض المذكوران له لا نفيًا ولا إثباتًا، بل تعرضا له في الأكل ونحوه من الأمور المشهورة. نعم، صرح القاضي الحسين بذلك، ومال في ((البحر)) إلى خلافه، فقال: يحتمل أن يقال: لا يفطر الجاهل مطلقًا، لأنه يشتبه على من نشأ في الإسلام أيضًا. وإطلاق الشيخ في ((المهذب)) و ((التنبيه)) يقتضي ما قاله الروياني، ولم يستدركه النووي