بلغ مفطرًا فهنا أولى، وإن أوجبناه ثم ففي وجوبه هنا وجهان، قال إسحاق: لا قضاء عليه، وقال غيره: عليه القضاء، لأنه لم ينو الفرض. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الإمام قد ذكر المسألة في باب استقبال القبلة، ولم يوجب ما نقله عنه المصنف من الإتمام لا بالتصريح ولا بالتعريض، بل في تعليله ما يشعر بأن الإتمام لا يجب.
الأمر الثاني: أن عبارته تقتضي أن إسناد عدم وجوب القضاء إلى أبي إسحاق من كلام ((الشامل))، مع أن صاحب ((الشامل)) لم يسنده إليه ولا إلى غيره، فاعلمه.
قوله: ووراء ما ذكره الشيخ في بعض الصور وجوه، أحدها: فيما إذا احتقن: أنه لا يفطر، كما حكاه الرافعي عن القاضي الحسين. انتهى.
واعلم أن القاضي الحسين قد جزم في ((تعليقه)) بالفطر، فقال: أما إذا احتقن- سواء احتقن في قبله أو دبره- أفطر. هذا لفظه في إحدى ((تعليقتيه))، وقال في الأخرى: عندي أنه لا يفطر إن كان في القبل كمذهب أبي حنيفة. والذي اختاره وجه مشهور، ولم يتعرض للمسألة في ((فتاويه)) ولا في ((شرح الفروع)) ولا في القطعة التي شرحها من ((التلخيص))، والرافعي قلد في هذا النقل صاحب ((المعتمد))، فإنه كذلك نقله عنه، وقد أوضحت ذلك في ((المهمات)).
قوله: وكذا الخيط وإن بقي بعضه خارجًا، لأنه ممنوع من ذلك إجماعًا، ولولا أنه مفطر لما منع منه. انتهى كلامه.
واعلم أن أبا حنيفة قد ذهب إلى أن الخيط البارز بعضه لا يفطر، وذهب إليه- أيضًا- بعض أصحابنا. كذا حكاه الرافعي، وهذا الوجه جارٍ في السكين- أيضًا- كما صرح به في ((الشرح الصغير))، وأشار إليه في ((الكبير)) - أيضًا- وادعى في ((شرح المهذب)) أنه لا خلاف في السكين، مستندًا إلى ما في ((الروضة)) من الجزم المخالف لما في ((الرافعي)).
قوله- في الكلام على ابتلاع النخامة: وإن قدر على صرفه ومجه، فلم يفعل- ففيه خلاف بين الأصحاب: منهم من لم يؤاخذه وبه حسم الباب، ما لم يتكلف صرفه عن مجراه إلى الفم، ومنهم من حكم بالفطر إذا تركه في مجراه مع القدرة على مجه، وهذا ما أورده القاضي الحسين وأبو الطيب، قال الرافعي: وهو الذي أجاب به الحناطي وكثير من الأئمة، ولم يذكروا غيره. انتهى.