قوله: ((الصيام)) و ((الصوم)) في اللغة: هو الإمساك عن كل شيء. انتهى.
وما ذكره من التعبير بـ ((كل)) غلط، فإن حاصله اشتراط الإمساك عن جميع الأشياء في مسمى ((الصوم)) في اللغة، وليس كذلك، بل أي شيء أمسك عنه صدق عليه لغةً أنه صام عنه، ويدل عليه ما سيأتي نقله عنه عقب ما نحن فيه، فكان الصواب أن يقول: هو الإمساك عن الشيء.
قوله: يقال: صام فلان، أي: أمسك عن الكلام، قال تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم:26] أي: صمتًا وسكوتًا عن الكلام. انتهى.
والتعبير بـ ((أي)) التفسيرية، غلط هنا، فإن مدلوله تفسير الصوم بالإمساك عن الكلام خاصة، وليس كذلك، فكان الصواب أن يأتي بـ ((إذا))، أو يقدم ويؤخر فيقول: صام فلان عن الكلام، أي: أمسك عنه، ويكون حينئذ نظير الآية، فإن فيها إطلاق ((الصوم)) وإرادة ذلك لقرينةٍ.
قوله: والأصل فيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:183، 184]، والمراد فرض عليكم، كما جاء في قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة:21] أي: فض الله. انتهى.
وما ذكره من تفسير الكتابة في الآية الثانية بالفرض- كما في الآية الأولى- كلام عجيب، بل اختلف المفسرون فيه: فقيل: معناه: قضى، وهو الذي صححه القرطبي، وقيل: كتب في اللوح المحفوظ، وهو المجزوم به في ((الكشاف))، وقيل: معناه: قال، حكاه القرطبي- أيضًا- فإن أراد المصنف بالفض معنى التقدير قلنا: هذا معنى آخر غير الذي تتكلم فيه، فإن كلامنا في الإيجاب، وبتقدير أن تصح إرادته فأي حاجة إلى هذا التكلف؟! بل تفسر الكتابة أولًا بالتقدير، ولا حاجة إلى توسط الفرض.
قوله: والمراد بالأيام في الآية شهر رمضان، وقيل: الأيام البيض، لأنه جمع قلة، وجمع القلة إنما يطلق على دون العشرة، وأجاب الأول بأنها قليلة بالنسبة إلى أيام