ثم قال ما نصه: وقد قال الرافعي عند الكلام في زكاة الفطر: إن هذا الخلاف لم نلقه إلا في حكاية الإمام والمصنف في ((الوسيط))، والذي أطلقه الجمهور هو الوجوب. نعم، يجيء الخلاف في الوجوب من طريق آخر: وهو: أن الرهن لابد وأن يكون بدين، فيكون الخلاف في أن الدين هل يمنع وجوب الزكاة أم لا؟ والذي قاله الجمهور جواب على القول المشهور، وهو أنه لا يمنع. قلت: وفيما قاله نظر من وجهين. انتهى كلام ابن الرفعة بحروفه.
وما نقله عن الرافعي غير مطابق، فلنذكر كلامه في زكاة الفطر وفي هذا الموضع، فقال في زكاة الفطر: وتجب فطرة العبد المرهون.
ثم قال ما نصه: قال الإمام والمصنف في ((الوسيط)): هكذا أطلقوا القول في المرهون، ويحتمل أن يجري فيه الخلاف المذكور في زكاة المال المرهون، واعلم أن الخلاف في زكاة هذا المال وهو المرهون لم نلقه إلا في حكاية هذين الإمامين، والجمهور أطلقوا الوجوب هناك أيضًا. هذا كلام الرافعي.
ثم قال: وأما المغصوب والضال ... إلى آخره، والذي نقله عنه المصنف غلط من وجهين:
أحدهما: في أن الغزالي لم ينقل الخلاف إلا في ((الوسيط))، فإن الرافعي لم يخصه به، بل حكاه الغزالي- أيضًا- في ((البسيط)) و ((الوجيز))، والغريب أن الرافعي حكاه عن ((الوجيز)) في الكلام على زكاة المال، فقال في الكلام على شروط الزكاة، وهو بعد باب الخلطة ما نصه: الثانية: لو رهن ماشية أو غيرها من أموال الزكاة فقد حكى الإمام والمصنف في ((الوسيط)) في وجوب الزكاة فيها عند تمام الحول وجهين، لامتناع التصرف، وعلى ذلك جرى هاهنا.
ثم قال: نعم، يجئ في وجوب الزكاة في المرهون الخلاف بجهة أخرى، وهو أن الرهن لابد وأن يكون بدين ... إلى آخره ما نقله عنه ابن الرفعة قبل ذلك، فتلخص أن ما نقله في الكتاب عن الرافعي من التخصيص بـ ((الوسيط)) عكس ما في ((الرافعي))، فإنه صرح بعدم التخصيص حيث نقله عن ((الوجيز)).
الوجه الثاني: أن قول الرافعي: نعم، يجئ الخلاف في الوجوب من طريق أخرى ... إلى آخره- لم يذكره الرافعي في زكاة الفطر كما نقله عنه ابن الرفعة، وإنما ذكره في زكاة المال، وقد ذكرت لك لفظه في الموضعين وكأن المصنف كان مستحضرًا لذلك من حيث الجملة، فنقله على غير وجهه، ونسبه إلى غير موضعه.