والثاني: لا زكاة في شيء منها.
وقال مالك: تجب زكاة السنة الأولى خاصة، لأن مذهبه: أن التمكن شرط للوجوب، ولانعقاد الحول الثاني، فإذا وجد الإمكان بعد أحوال فقد وجد شرط وجوب الزكاة للسنة الأولى، ولم يوجد شرط عقد الأحوال بعدها، كذا قاله صاحب ((البحر)) وغيره، قال الرافعي: وما ذكره مالك يقتضى أن يكون للشافعي قول مثله، لأن له قولًا: إن الإمكان من شرائط الوجوب كمذهب مالك.
قال ابن الرفعة: قلت: وقد ذال في ((البحر)): إن القاضي أبا على الزجاجي الطبري ذكر في ((زيادة المفتاح)) هذا قولًا لنا، وجعل في المسألة ثلاثة أقوال، وانفرد هو بهذا. قلت: وما ذكره أبو علي إن كان نقلًا فلا اعتراض عليه، بل نستفيد منه أن للشافعي قولًا: أن الحول الثاني إنما يعقد عند التمكن من الأداء عن الأول كما قال به بعض الأصحاب، وإن كان تفقهًا- كما أبداه الرافعي- فلا وجه له، لأنا وإن قلنا: إن التمكن شرط للوجوب، فابتداء الحول الثاني من حين انقضاء الأول، لا من وقت التمكن- كما ستعرفه- وبهذا خالف مذهبنا مذهب مالك. انتهى كلامه ابن الرفعة، رحمه الله.
وقد راجعت لفظ أبي علي الزجاجي في الكتاب المذكور فوجدته قد عبر بقوله: ففيها ثلاثة أقوال:
أحدها: لا زكاة عليه لما مضى، ويبتدئ الحول من يوم الوجود.
والثاني: عليه زكاة السنين كلها.
والثالث: لا تجب إلا لسنة واحدة.
هذه عبارته من غير زيادة عليها، ومن كتابه نقلت، وقد قال في خطبة الكتاب ما نصه: ولم أتجاوز فيه من منصوص الشافعي وتخريج صاحبيه- وهما المزني وابن سريج- على مذهبه إلى غير ذلك، إلا مسائل قليلة سميت قائلها. هذه عبارته- أيضًا- في الخطبة، فثبت أن القول الثالث إما منصوص عليه أو من تخريج أحد الإمامين.
قوله: ومنها المال المرهون هل تجب فيه الزكاة؟ فيه طريقان حكاهما القاضي الحسين والمتولي عن الأصحاب:
إحداهما: تخريجه على القولين في المغصوب والضال، ولم يورد في ((الوجيز)) غير هذه الطريقة.
والثانية: القطع بالوجوب.