ويذكر الدخل والخراج الوارد منها. وصحيح أن أفراد بني هاشم قد نالوا نصيبهم من هذه الأموال مثلهم في ذلك مثل غيرهم، وصحيح أيضًا أنه تقرر نصيب من خمس أموال الغنائم لفقراء بني هاشم، إلا أن هناك بالإِضافة إلى ذلك بعض الحقائق التي صرف الكاتب نظره عنها وتجاهلها، فلو أن نصيبًا من خمس الغنائم كان قد خصص لبني هاشم فإن نصيبين منها قد خُصص لفقراء المسلمين ولشراء الأسلحة، كما أن دخل فيء الأراضى لم تنله بنو هاشم فقط بل استفاد منه جميع طبقات الأنصار والمهاجرين، ثم إن هذه ليست صدقات، إذ كان لها مصرفها الذي تصرف فيه. طبقًا للضرورات، كما أن ابن إسحاق، والواقدي، وابن سعد، والطبري وغيرهم وجميع المؤرخين الأوائل وكتاب السوانح، وكل من كتبوا عن الخراج والأموال من مثل أبي يوسف وابن قدامة ويحيى بن آدم وأبي عبيد قاسم بن سلام وغيرهم، تتضح من كتاباتهم أن جميع طبقات المسلمين كانت مستفيدة من جميع الأراضي والأموال.
إن النقد التاريخي والتحليل التاريخي يستلزم أن نقوم مع تحليلنا للدخل بتحليل المصرف والنفقات أيضًا، حتى يمكن تحليل الداخل والمنصرف، أو حتى يمكن أن نحلل تحليلاً صحيحًا تجميع الثروة والحصول عليها.
ويشهد التاريخ أن جميع الطبقات الغنية بين الصحابة الكرام قاموا بإنفاق نصيبهم (أسهمهم) كلها على ضرورات وحاجات الأمة بدلاً من إنفاقها على أنفسهم وعلى أسرهم، والتحليل الاقتصادي للكاتب المذكور إنما ارتكز على الإفراط والتفريط وأخذ شكلاً متعصبًا، واتجه إلى مسخ المصادر التاريخية وهذا جزء من خطة معينة يهدف إليها.
وهذا هو الحال في الاتهام الذي قال فيه: إن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة قد أعدوا خطة، أو أحاكوا أنواعًا من المؤامرات لقصر الخلافة على قريش