دائرة محدودة قاصرة على رسوم العبادات، لهذا فقد نظروا إلى الإِسلام في نطاق نظرتهم إلى دينهم، بينما الإِسلام دين شامل يضم جميع جوانب الحياة سواء ما يتعلق فيها بالعقيدة أو ما يتعلق بالسياسة والمجتمع أو ما يتعلق بالجيش والحكومة أو ما يتعلق بالاقتصاد وغير ذلك، ولا يمكن لأي فرع من هذه الفروع أن تخرج عن دائرة الإِسلام الواسعة.
والأصل في الإِسلام أنه لا فرق بين الدين والدنيا، فكل ما يجعلنا نغفل عن الله ونعمل خلاف أحكامه هو الدنيا، وكل ما يدخل في دائرة أحكام الله ومرضاته هو الدين. ومن هنا وجب تحليل ودراسة الحياة المدنية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ضوء هذه الخلفية لتصور الدين في الإِسلام وهو تصور واسع وشامل.
ويُعرف من مطالعة الحياة المدنية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام بتشكيل الأمة الإِسلامية وتنظيم الحكومة الإِسلامية طبقًا لما جاء بالقرآن الكريم وطبقًا لأحكام الله، وكل هذا عمل ديني، وكل ما قام به وأنجزه من خلال الغزوات والسرايا كان في سبيل تقوية الإِسلام كما أن دحض الكفر وهزيمته إنما هو من الأعمال الدينية.
ورغم كل هذا فالحقيقة الواضحة أمام الجميع أنه صلى الله عليه وسلم خلال كفاحه العسكري، والسياسي لم يصرف النظر ولم يتقاعس عن بذل جهده في سبيل تبليغ الدين ونشره، ويعرف من الروايات أنه بعد الهجرة مباشرة قام بدعوة القبائل اليهودية وبقية فئات العرب من غير المسلمين على السواء، وأرسل جماعات لتبليغ الدين في مختلف المناطق، ومنها سرية مؤتة وسرية الرجيع وسرية ذات الملاح، وغيرها من السرايا التي تلخصت مهامها في نشر الدين.
لقد ارتكزت خطته صلى الله عليه وسلم في القيام أولاً بدعوة الفريق الذي يحاربه إلى الإِسلام، وكانت هذه هي السنة التي مضى عليها الصحابة الكرام، وكان