واليهود، إبراهيم عليه السلام، وهو الدين الذي يجب أن تقبله البشرية جمعاء، بما فيهم اليهود والنصارى الذين ابتعدوا عن الدين الأصلي لإبراهيم عليه السلام، وقد حاول المستشرق المذكور بكل جد وجهد أن يثبت أن السور والآيات المكية لا توجد فيها تصورات لدين إبراهيم، إلا أن ذكر إبراهيم ودين إبراهيم قد وردا بكثرة في السور والآيات المدنية، وبسرعة بعد ظهور الاختلاف الفكري والعملي مع اليهود، وكأن ربط الإِسلام بدين إبراهيم لم يكن لمجرد أن اليهود والنصارى عارضوا الإِسلام.

وقد واجه " مونتجمري وات " ومن هم على شاكلته مثل " ريتشارد بيل " وغيره، صعوبة في أن يثبتوا مزاعمهم وأفكارهم، فصرفوا النظر تمامًا لا عن الروايات الإسلامية فقط بل عن روايات وآيات الكتاب المقدس أيضًا، وقاموا بتأويلها تأويلات عجيبة، ولا بد أن في القرآن الكريم والأحاديث النبوية والروايات الجاهلية وشواهد التاريخ الإِسلامي، ما يثبت بصورة حتمية أن العرب قبل ظهور الإِسلام لم يعتبروا أنفسهم من أولاد إبراهيم فقط، بل كانوا يعتبرون أنفسهم أتباع دينه ومذهبه.

وأكثر من هذا هو تسليم بعض المستشرقين بالحقيقة القائلة بأن اليهود إنما عارضوا رسول الله لمجرد شعورهم بالتفوق والتمييز الجنسي وشعورهم بالتفوق الديني، فقد كان تفكيرهم منحصرًا في أن آخر الأنبياء سيولد من بين بني إسرائيل ولكن حين كانت بعثته صلى الله عليه وسلم من بني إسماعيل أنكروا الإِيمان برسالته، لما فيهم من عصبية إسرائيلية، ولكن كان من بينهم علماء حق وعدل وعلى رأسهم العالم اليهودي الشهير عبد الله بن سلام، الذي صدق بالبشارات الواردة في التوراة والإِنجيل فيما يتعلق ببعثته صلى الله عليه وسلم، وآمن برسالته وقال: إنها رسالة عالمية، وإن محمدًا مرسل لجميع البشر، ودعا أهل دينه أيضًا للدخول في الإِسلام، وفضلاً عن ذلك يتضح من خلال عدد من آيات القرآن أن إبراهيم وعيسى عليهما السلام قد بشرا بقدوم رسول مكي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015