بالمصالحة، فلم يكتبوا برفضها كما لم يكتبوا بتصديقها.
ويعرف حتى طلاب السنوات الأول من دارسي التاريخ الإسلامي أن تحويل قبلة المسلمين في الصلوات الخمس عن بيت المقدس، قد تم قبل عدة سنوات من الهجرة في وقت لم تكن هناك لقضية إرضاء اليهود أو مهادنتهم مكان، ولم تكن فكرة الهجرة إلى المدينة حتى قد وردت على الخيال. ثم إن صوم عاشوراء كان نفلاً وكان بالنسبة للمسلمين سنة نبوية، وذلك بعد إقرار فرضية صوم رمضان، ولا يزال حتى اليوم سنة يقيمها المسلمون، ثم أي مصلحة تلك التي اقتضت فرض صيام " ثلاثين " يومًا [شهرًا] بدلاً من صيام يوم واحد؟! لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطر لمخالفة الدين اليهودي، وطريقة اليهود وأسلوبهم لحرّم ذبيحتهم ولحرم الزواج من نسائهم وحرم صوم عاشوراء ... وهي الأمور التي لا تزال مباحة حتى يومنا هذا. وقد أقر صلاة الجمعة كما هي وكما كانت عليه دون تغيير.
إن محاولة المستشرقين وأعداء الإِسلام من المؤرخين إعطاء بيانات خاطئة لمسخ التاريخ هو في الأصل دليل واضح وبيان فاضح على عداوتهم الشديدة وتعصبهم الديني ضد الإِسلام ورسول الإِسلام، ونظرتهم الخاطئة هذه إنما يرجع سببها إلى اعتبار الإِسلام والمسيحية واليهودية أديانًا منفصلة عن بعضها البعض، ويتعارض بعضها مع البعض، بينما القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وجميع الروايات الإِسلامية توضح أنه ليس فقط الأديان الثلاثة بل جميع الأديان التي جاء بها جملة الأنبياء الكرام كانت تتفق مع الإسلام، وقام علماؤها ورهبانها بتحريف التعليمات الإِلهية الأصلية، فحرفوا الأديان ومسخوها وانحرفوا بها عن جادة الطريق، ومن الواضح أن الإِسلام يعترف بالدين اليهودي والمسيحى قبل تحريفهما؛ لأنهما ينبعان من منبع واحد، وهناك بالضرورة اشتراك في الأصول والعقائد، وهناك ولا شك أيضًا اختلاف ممكن