سورة النجم. ثم قام وسجد لله تعالى سجدة شكر فقام شيطان وقرأ معه فقرة شيطانية خلطها هكذا " تلك الغرانيق وإن شفاعتهن لترجى " وتأثر بها الكفار فسجدوا إذ وجدوا أن هذا يعني وجود سبيل للمصالحة بين الإِسلام وبين مذاهبهم القديمة. وحين انتشر هذا الخبر بين المسلمين، بل في نواحي مكة، أعلن أشراف مكة قبولهم الإِسلام.

ويتضح أن المحدثين وناقدي الروايات يرون أن هذا الأمر وبخاصة الفقرة الشيطانية وقصة المزج في الآيات القرآنية. كلها روايات غير صحيحة وموضوعة لا أساس لها من الصحة إلا أن المستشرقين بما لهم من طباع ظالمة ونظرة تحليلية خبيثة يقولون إن الفقرتين لم يأت بهما أىّ شيطان بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بمزجهما عمدًا وقصدًا حتى يضع شياطينهم في مكانة قياسية، فأضافهم على نظام العبادة الإِسلامي فقد ضاق بمعارضتهم له. وأصبح على استعداد لأن يجرى معهم مصالحة دينية (نعوذ بالله)!!

إن أي شخص طالع الإِسلام مطالعة صحيحة وهو يحمل حِسًّا وشعورًا تاريخيًا سليمًا يعرف جيدًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أبدًا على استعداد لإِجراء أية مصالحة من أدنى درجة مع أحد على أساس أي من العقائد أو الأصول.

فما بالنا بعقيدة التوحيد التي هي أصل الأصول في الإِسلام والتي هي الأساس الرئيسي لدعوته وحركته. وإذا افترضنا -وهو محال- التسليم بدعوى المستشرقين هذه فإن هذا يعني إجراء مصالحة وصداقة مع الشرك الصريح، فأية ضرورة تبْقى الآن للإِسلام؟!!

لقد كانت عداوة قريش مكة والمشركين الآخرين من العرب للإِسلام قائمة على هذا الأمر، وهو أن الإِسلام لا يدعهم يشركون مع الله أحدًا غيره، وأن يعترفوا بربوبية واحدة هي ربوبية أحكم الحاكمين وحاكميته المطلقة، وأن ينفذوا ويطيعوا أحكامه جلت قدرته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015