الخانقاهات والتكايا، ولم يكتفوا بهذا بل نصحوا الآخرين أيضًا بالابتعاد عن الحكم والسياسة، مما نتج عنه تكاثر عدد الأشرار ورجال السوء داخل ديوان الحكم، ويومًا بعد يوم أصبحت مناصب السياسة والسلطة غير إسلامية.

ومن ناحية أخرى فإن النزوع إلى السلبية وعدم التعاون مع الحكومة لم ينتشر فقط بين الناس، بل أصبحت فكرة تقويم الحكومة فكرة تتعارض مع الإسلام. وكذلك أصبح التعاون والاشتراك مع الحكومة اتجاهًا غير إسلامى.

وهكذا لم يعد علماؤنا والرجال الصالحون فينا والغالبية العظمى من عامة الناس معارضين فقط لحكومة زمانهم أو على الأقل غير متعاونين معها، بل أصبحوا أدوات لمحاولة إضعاف هيئات الحكومة الإسلامية وسياستها، وكان أكثرهم السبب في الضعف السياسي، وتطور الهيئات السياسية بطريقة غير طبيعية، أو زوالها من البلاد الإسلامية.

وليس من سبب حقيقي لهذا السلوك سوى هذه السلبية لهؤلاء العلماء والمتصوفة وعامة الناس الرافضين للإسهام في صناعة التقدم، وللأسف فقد أخذ هذا الاتجاه الخطير المتحيز له المؤرخون اتجاهًا وسلوكًا عامًّا، بعد أن مسح بجرة قلم جميع خدمات الخلفاء والحكام المسلمين.

وقد ظهر هذا السلوك وهذا الاتجاه بوضوح تام في التاريخ الإسلامي بعيد النصف الثاني من القرن الأول، ولم يكن هناك فرق في هذا بين مؤرخينا وبين المؤرخين الآخرين من غير أهلنا، وهكذا جاءت جهود العلماء الانتهازيين ونظائرهم من المفكرين والمؤرخين ناقصة وخاطئة.

وقد استغلوا الحيل الشرعية والخدع الفقهية، واستفادوا منها لتحقيق أهدافهم، فجعلوا يشْرحُونها بطرق عكسية أحيانًا وملتوية أحيانًا أخرى، وهكذا أخطأوا أيضًا في كتابة التاريخ، وبناء على مجموعة من الأعمال أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015