من التاريخ الإسلامي بحثًا تاريخيًّا تفصيليًّا، وهؤلاء ممتازون وبارعون فيما يتعلق بتبحرهم العلمى، وصلابتهم الدينية وفكرهم العالي ومطالعتهم الواسعة، ومعلوماتهم الوفيرة وقدرتهم على النقد والتحليل. كما أن دوافعهم ونواياهم ليست خالصة لوجه الله. وهؤلاء أمامهم مشكلتان يعجزون حقيقة عن علاجهما، المشكلة الأولى هي أنهم رغم ما لديهم من علم وفضل يفتقرون إلى الإدراك التاريخي السليم. وذلك لأن تربيتهم ونشأتهم العلمية لم تكن لتؤهلهم ليكونوا مؤرخين.
والمشكلة الثانية هي أن هؤلاء افتقروا إلى أصالة المنهج وعمق التفكير فى كتاباتهم التاريخية من ناحية، ومن ناحية أخرى فهم يقيمون بعض نظرياتهم بناء على أفكارهم وميولهم ومزاعمهم التي اعتنقوها وآمنوا بها قبلاً، ولم يتمكن هؤلاء من التخلص من هذه الأمور حتى وقت كتاباتهم لكتبهم وأبحاثهم. بل اعتبروا كتاباتهم القائمة على الأفكار والمزاعم التي يعتنقونها هي التفسير الصحيح للقيم الإسلامية والتاريخ الإسلامي.
وكانت النتيجة المنطقية لهذا الأمر، أنهم يشاهدون مجرد جانب واحد من الصورة، فيعرضون هذا الجانب الواحد فقط للآخرين، ومن الواضح أن يجد هؤلاء من يميل إلى نظرياتهم تلك، وقد أدى بهم سلوكهم المنحاز هذا إلى قبولهم للأخبار والروايات التي تتفق مع نظرياتهم وأفكارهم، ثم يغفلون أو يتغافلون تمامًا عن جميع الروايات والأخبار التي تتعارض مع خططهم المحددة أو يمرون عليها مرورًا سريعًا. إلا أن السبب الأهم لسلوكهم هذا هو جهلهم بالمعلومات الحديثة، مما نتج عنه ورود تفسيراتهم وشروحاتهم الخاصة بالتاريخ الإسلامي منحازة وتعالج جانبًا واحدًا، كما جاءت ناقصة غير مكتملة، وهناك أمثلة على هؤلاء المؤرخين ممن كتبوا بالأردية في شبه القارة الهندية الباكستانية ْوممن كتبوا بالعربية في مصر ولبنان. وكنموذج لقد بحث بعضهم موضوع