أنه قد تأذى وأعلن براءته منهم، وقبل حرب صفين وصل مبعوث معاوية للتباحث مع عليٍّ، فقام جيش علي الذي كان يضم الآلاف بالدق على الطبول معلنا أنهم جميعًا قاتلو عثمان، وصار الوضع في غاية التعقيد والغموض، ووسط هذه الظروف كان التعرف على القتلة وعقابهم أمرًا مستحيلاً، فلو كانت الظروف مواتية لأمكن الكشف عن القتلة، ولأمكن عقابهم. إلا أن الأحداث تطورت بسرعة فائقة لم تسمح بوجود تلك الفرصة.
معظم مؤرخينا يعارضون معاوية، ويلقون على أكتافه بمسئوليات حرب صفين، وهم يرون أن معاوية اتخذ من قصة القصاص لعثمان ذريعة لاستكمال أهدافه السياسية، فأثار مشاعر أهل الشام، وأغدق على الناس بالأموال، حتى جعلهم في صفه ونتيجة لذلك نجح نجاحًا كاملاً في تحقيق أهدافه.
وكان معاوية ورفاقه في العمل من مثل عمرو بن العاص يرون قتلة عثمان داخل جيش عليّ فيشعرون أنهم على حق، وقد أعلنوا عن ذلك فيما كتبوه إلى علي خاصة وكبار الأمة بصفة عامة. وأكبر المدافعين عن علي من مؤرخينا وهو المودودي يكتب أن عليًّا: " بعد موقعة الجمل ... تغير سلوكه تجاه قاتلي عثمان، وظل يتأذى من هؤلاء الناس حتى وقعة الجمل، وتحملهم بقلب غاضب، وكان ينتظر الفرصة للقبض عليهم، إلا أنه تدريجيًا حدث تقارب بينه وبين أولئك الناس الذين أثاروا الفوضى ضد عثمان، ثم صاروا في النهاية مسئولين عن قتله، حتى أنه أسند منصب الولاية لمالك بن الحارث الأشتر ومحمد بن أبي بكر، بينما يعرف الجميع الدور الذي لعباه في مقتل عثمان ... "
ومن الواضح أنه وسط هذه الظروف المعقدة فإنّ اتهام معاوية بأنه على باطل تمامًا إنما هو اتهام غير صحيح، والتحليل المقبول هو ما ينسب في التاريخ إلى سيدنا عليّ، حين سئل عمن مات على حق وعمن مات على باطل، فقال: