أما أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي (المتوفى سنه 292 هـ/ 903 م) فهو مؤرخ شيعي بصورة أساسية، ورغم ذلك تقلّ عنده عناصر المبالغة والأسلوب الخرافي الأسطوري، إذا ما قورن بالآخرين. وعلى العكس منه أبو حنيفة الدينوري (المتوفى 282 هـ/ 895 م) والذي لجأ إلى الأسلوب الأسطوري الخالص، رغم أن موضوع بحثه كان واسعًا، ويتضمن أمم العالم المختلفة.
هذا بينما يعدّ مواطنه ابن قتيبة الدينوري (المتوفى 276 هـ/ 889 م) مؤرخًا حقيقيًا ومعترفًا به بصورة عامة على أنه ثقة، مع أن تاريخه من ناحية أخرى يفتقد طابع التسلسل التاريخي في كتاباته!!
وكان معظم مؤلفي القرن الرابع حتى السادس الهجري (العاشر حتى الثاني عشر الميلادي) يتمتعون بإحساس ناضج بالتاريخ، إلا أن توجههم الأساسي كان لعصرهم دون غيره من العصور، واكتفوا بالأخذ عن شيوخهم الكبار السابقين ما يحتاجون إليه من أخبار قرون التاريخ الإِسلامي الأولى.
ويعد على بن حسين المسعودي (المتوفى 345 هـ/ 956 م) ومعه حمزة الأصفهاني (المتوفى 360 هـ/ 970 م) من أهم المؤرخين ويفهم من تعليقات ابن خلدون (المتوفى 808 هـ/ 1406 م) وتلامذته أن المسعودي لم يكن موفقًا تمامًا رغم كونه مؤرخًا يمتاز بالحسّ التاريخي، فهو لم ينج من السير على طريقة العصبية، ومن قبول الكتابات المزورة، والروايات الملفقة.
ولم يكن مؤرخو هذين القرنين والقرون التالية لهما مؤرخين إسلاميين بمعنى الكلمة، فلم يبرأوا من العصبيات الاجتماعية، والمحاباة القبلية، والميول السياسية، والخلافات الفقهية، والنزاعات المذهبية. وقد صدر هذا عن بعضهم نتيجة لنقص في المعرفة إلا أن عددًا كبيرًا منهم قد ترك جروحًا وبثورًا وبصمات سيئين عن عمد وعن قصد على صفحات التاريخ الإِسلامي؛ نتيجة