الأنصاري وأسامة بن زيد الكلبي وعبد الله بن عمر العدوي، وعمار بن ياسر إلى الكوفة والبصرة والشام، ومصر بالترتيب، وذلك للتحقيق في الشكاوى، وأشار جميع هؤلاء الصحابة (ما عدا عمار بن ياسر) بعد أن أجروا التحقيقات المطلوبة " إلى أنهم لم يروا هناك أي أمر غير مرض ". وقد خالف عمار في ذلك. ولم يكتف عثمان بهذا، بل طلب عمال الولايات واستجوبهم واطمأن إلى إجاباتهم، وأصدر حكمه بإعادتهم، ولكن في أثناء ذلك تمت المؤامرة الخبيثة التي هدفت إلى الطعن في عثمان وعماله، وأعلن العصيان ضد الخلافة الإسلامية، واستشهد عثمان رضي الله عنه، وتفتتت الوحدة الإِسلامية.
وتشير المصادر إلى أن أول شخص وضع البذرة الأولى في المؤامرة ضد عثمان هو عبد الله بن سبأ، الذي ارتدى رداء الإسلام بعد ترك يهوديته، حتى يكمل أهدافه الكريهة ولقد أصاب بسهمه عصفورين، إذ عرض تصورًا مبالغًا فيه لحب أهل البيت، وجعل الخلافة حقًّا موروثًا لعلي رضي الله عنه، ومن ناحية أخرى جعل خلافة عثمان غير شرعية. وطبقًا لما ورد بالطبري فقد بدأ نشر مؤامرته من محاور ثلاثة.
المحور الأول أنه أثار الناس ضد عثمان تحت غطاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والمحور الثاني محاولة التشنيع والإِساءة إلى العمال العثمانيين. والثالث نشر الإشاعات عن محاباة الخليفة الثالث لأقاربه.
ويفهم من رواية أخرى للطبري أن المتآمرين قاموا بنشر الكراهية ضد الحكومة بطريقة مخططة محكمة، وكانوا يعرفون تمامًا أن العامة والخاصة لن يتحملوا أبدًا أي اتهام ضد شخصية عثمان وذاته، وأنهم لو اعتمدوا على ذلك فسوف تفشل حركتهم من أولها، ولهذا بدأوا معارضتهم للحكومة بإثارة الفتنة ضد عمال عثمان على أساس توجيهها إلى الخليفة فيما بعد إذا قبلها الناس،