وأصحاب المنتوجات، وقام بفصل الوسطاء (1)، الذين كانوا يقومون بتحصيل المبالغ كاملة لكنهم لا يؤدونها للحكومة كاملة، بل يحجزون لأنفسهم بعضها، وإذا كان الأمر كذلك، فمن حق الباحث أن يعترف بما كان له من حسن الإدارة والنظام.
والحقيقة أن الناس غفلوا عن منجزاته هذه، واتهموه بناء على عداوتهم لبني أمية، ولم يفهموا لم يرتكبون من مخالفات في حق التاريخ الإسلامي. لقد قامت جماعة من المؤرخين بنقد مروان بن الحكم الأموي أيضًا، ومن المؤسف أنهم استخدموا لذلك أسلوبًا غير لائق، ووجهوا له اتهامات يصعب على العقل أن يقبلها، ومن تلك الاتهامات أنه قد سمح لأبيه بالتدخل في شئون الحكومة، وأنه قد اختاره كاتبًا [سكرتيرًا] للخليفة، وهذا المنصب من المناصب المهمة، وأنه سلك سلوكًا غير مقبول مع بعض الصحابة الكرام، وغير ذلك.
لقد قبل المؤرخون كثيرًا من الروايات التي سيقت ضد مروان، وسكت بعضهم عن كثير من الروايات التي تتحدث عن الجوانب المضيئة في شخصيته وسيرته. لقد كان عالمًا بالتفسير، ولقد قرر الحافظ الذهبي أنه كان قارئًا وفقيهًا ومتمسكًا بالحدود الإلهية. والمحدثون يرون أنه محدث ثقة، وقد روى عنه الإمام البخاري في كتابه، وقد قرر الحافظ ابن حجر في الإِصابة ومقدمة فتح الباري أنه كان ثقة في الحديث. وهي تدل على علو مقامه.
إن ما جاء ذكره بالنسبة لاتهام عثمان رضي الله عنه بتفضيله ومحاباته للأمويين هو اتهام يتنافي مع حقائق التاريخ.
والدليل الذي يقدمه المتَّهِمُون هو أن عظماءهم لم يعينوا أقاربهم في مناصب الحكومة، والصحيح أن القرابة لم تكن أساسًا للتعيين، كما لم تكن شرطًا
_______
(1) وهم من أُطلق عليهم في فترات متأخرة " أصحاب الالتزام ". المترجم.