إن سياسة عزل وتعيين العمال (الحكام) كانت اتخذت كسلاح ضد عثمان، ولكن هذه السياسة ذاتها كانت قائمة منذ العهد النبوي وفي عهد الشيخين، فقد كان الخليفة في كل وقت يقوم بمثل هذه التغييرات في أعضاء الحكومة طبقًا للمصالح والسياسة ولما يراه صوابًا. وقد قام عمر رضي الله عنه فعزل عددًا من حكامه وقادته ومنهم خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة وهم من أكابر الصحابة ويفهم من واقعة سعد بن أبي وقاص أن تغييره لم يكن نتيجة لأي خطأ ارتكبه، بل كان بناء على المصلحة السياسية، إذ كانت سياسة الخليفة الثاني في الكوفة والبصرة قائمة على استبدال الحكام إذا ما لزم الأمر، وإذا ما طالب المسلمون.

ويفهم من الروايات أن عمر درءًا للفتن التي حدثت في المدن قام بالترتيب وبناء على شكاوى أهل البصرة والكوفة فعزل سعد بن أبي وقاص، وعمار ابن ياسر، وأبا موسى الأشعري، وعمر بن سراقة، والمغيرة بن شعبة الثقفي. ومن الجدير بالذكر أن شكاوى الناس ضد هؤلاء الحكام شكاوى مسبَّبة فسعد ابن أبي وقاص الزهري لا يؤدى الصلاة بطريقة جيدة، وعمار ضعيف ولم تكن له قدرة على الإِدارة، وأبو موسى أيضًا مثله، أما المغيرة بن شعبة فقد اتهم مرة بارتكاب الزنا، ومرة أخرى بقبول الرشوة.

وطبقًا لإحدى الروايات فقد أوصى عمر خليفته أن يعيد تعيين سعد بن أبي وقاص حاكمًا على الكوفة مرة أخرى، وهكذا قام الخليفة الثالث في بداية خلافته بالعمل بالوصية وعينه واليًا على الكوفة، وكان هذا أول مثال لتعيين صحابي جليل القدر في خلافة عثمان، غير أن مشادة حدثت بين سعد بن أبي وقاص والقائم على بيت المال عبد الله بن مسعود، إذ أخذ الأول قرضًا من بيت المال ولم يعده، وقد ضخّم أهل الكوفة الأمر، ولهذا رأى عثمان أن الواجب يقتضي استدعاءه، وبعدها استدعى أيضًا عبد الله بن مسعود. والذي كان يحز في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015