وبالطبع علي - رضي الله عنه - رابع الخلفاء، وهو القائل - رضي الله عنه -: "خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، وبعد أبي بكر: عمر، ولو شئت أن أسمي لكم الثالث لفعلت" (?)، ولا ريب أن الثالث عثمان، وقد روى محمد بن علي بن أبي طالب: المعروف بابن الحنفية قال: قلت لأبي: "يا أبت، من أفضل هذه الأمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سبحان الله يا بني: أبو بكر. قال: قلت: ثم من؟ قال: سبحان الله يا بني: عمر. قال: قلت: ثم أنت يا أمير المؤمنين؟ قال: لست هناك، ثم أنا بعد ذلك رجل من المسلمين، لي ما لهم، وعليّ ما عليهم" (?).
يفهم من قول علي - رضي الله عنه -: "لست هناك" أنه - رضي الله عنه - يعلم موقعه في الخلافة، وأنه ليس بعد عمر - رضي الله عنه -، ولذلك بايع عمر ولم ينازعه، ولما كان موقعه بعد عثمان بايعه الصحابة فقام لذلك، ولم ينازعه معاوية - رضي الله عنه - في الخلافة بل في المطالبة بقتل قتلة عثمان - رضي الله عنه -، وقد كان أمر مراتب الخلافة عندهم من البدهيات، ولذلك كان الحادي يحدو بعثمان وهو يقول:
إن الأمير بعده علي ... وفي الزبير خلف رضي.
قال كعب: ولكنه صاحب البغلة الشهباء، يعني معاوية, فقيل لمعاوية: إن كعبا يسخر بك ويزعم أنك تلي هذا الأمر, قال: فأتاه فقال: يا أبا إسحاق, وكيف وهاهنا علي والزبير وأصحاب محمد, قال: «أنت صاحبها» (?).
وفي قول معاوية هذا دلالة على أنه يعلم رتبة عليّ - رضي الله عنه - في الخلافة وأنها بعد عثمان، ويعلم أن الزبير أحق منه بها بعد علي - رضي الله عنهم -، ولعل كعب الأحبار رحمه الله قال ما قال لمعاوية - رضي الله عنه - إما لعلم عنده من الكتاب؛ "التوراة" أو من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك» وهو الأولى عندي، قال سفينة للراوي عنه وهو سعيد بن جمهان: "أمسك خلافة أبي بكر وخلافة عمر وخلافة عثمان، ثم أمسك خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أجمعين" (?)، وقال رسول