فقال خالد: "يا خليفة رسول الله، فإذا أنا وافيت القوم، فإلى ما أدعوهم؟ ، قال: ادعهم إلى عشر خصال، شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والطاعة، والجماعة"، ثم كتب إليهم أبو بكر - رضي الله عنه - (?).

ولقي خالد - رضي الله عنه - القوم ومنهم طليحة وقومه، فانهزم طليحة إلى الشام، ثم أسلم وحسن إسلامه، أحرم بالحج، فرآه عمر، فقال: "إني لا أحبك بعد قتل الرّجلين الصّالحين: عكّاشة بن محصن، وثابت بن أقرم"، وكانا طليقين لخالد، فلقيهم طليحة وسلمة فقتلاهما، فقال طليحة: "هما رجلان أكرمهما اللَّه بيدي ولم يهني بأيديهما" (?).

فالردة كانت من أعظم ما حدث بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أمرها عظيما، ووقتها عصيبا، فالمرتدون على أحوال:

منهم من كان حديث عهد بإسلام فكان من السهل أن تجتاحه الفتنة، ويُلم به هاجس الشيطان، فوقعت منه الردة.

ومنهم من منع الزكاة ولم يرتد عن الشهادتين وبقية فرائض الإسلام، وتأول قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (?)، فقال: كنا ندفعها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأن الله أمره أن يأخذ من أموالنا صدقة يطهرنا بها، ويصلي علينا - يدعو لهم - فصلاته سكن لنا، وليس ذلك لأبي بكر.

ومنهم من ارتد طمعا في السيادة والملك.

وعلى هذا أكثر قبائل العرب إلا من ادعى فيهم النبوة وصدقوه ولو ظاهرا، كقوم سجاح بنت المنذر، وقيل بنت الحارث التميمي (?): الكاهنة تنبأت وزوجت نفسها من مسيلمة، في قصة شهيرة، وصح أنها أسلمت بعد وحسن إسلامها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015