وقيل: إن طالب العلم يحتاج إلى البكور فيه، واستدامة الصبر على طلبه، وشدة الحرص عليه، وإذا كان الحريص لا يُقْلِعُ، والمنهومُ لا يَشْبَعُ، والحوادثُ تَحُولُ دون الأمل، فصرف الجُهْد والهِمَّةِ إلى ما يُتَعَجَّلُ بَرَكَتُه، مِن التَّفَقُّه في دينِ الله، وتتأجَّلُ غِبْطَتُه مِن العملِ به، أوْلَى مِن الاستكثار من الأسفار بلا تفَقُّهٍ، والتَّحَلِّي بغير تَحْقيقٍ.

قال الحسن: إن هذا الدين ليس بالتحلي ولا بالتمنِّي، ولكن ما وَقَرَ في القلوب، وصَدَّقَتْه الأعمال. قال ابن هرمز: ما طَلَبْنا هذا الأَمْرَ حَقَّ طَلَبِه. قال غيره: وأرْجَى الناسِ في نَيْلِ ما يَبْقَى مَن جَدَّ في طَلَبِه، واسْتَدامَ الصبرَ عليه وأوْطَنَه. وممَّا تَمَثَّل به سَحْنُون:

أَخْلِقُ بِذِي الصَّبْرِ أنْ يَحْظَى بِحَاجَتِهِ ... ومُدْمِنِ الْقَرْعِ لِلأَبْوَابِ أَنْ يَلِجَا

وتمثَّل غَيرُه في حَمْلِ الأسْفارِ بلا تَفَقُّهٍ، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015