المطلوب من الوكالة لمعنى السلاطين والجبابرة، وما أراد من استخراج أموال الناس، وكان يقبل الوكالة من كل مطلوب شغله الأمير في خدمته إذا كانت خدمة لا يقدر أن يفارقها، مثل الحاجب، وصاحب الحرس، والذين لا يستطيعون مفارقة ما وكلوا به من الخدمة، ويرى أن هذا باب اضطرار.
وقال محمد بن عبد الحكم: وإذا كان أحد الخصمين عييا عن حجته، أو أعجمي، أو ألكن، أو فأفاء، فسأل القاضي أن يدخل معه رجل من قرابته أو غيرهم، يتكلم عنه بحجته، فلا بأس أن يأذن له في ذلك إذا كان المتكلم عنه لا بأس به، ولا بأس أن يقبل الوكالة من الرجال والنساء، ممن حضر أو غاب، إن احتاج أن يسأل المطلوب عن شيء، أو يحلفه، أم بإحضاره، وإذا كان عنده من يتوكل للناس في الخصومة، أمكنهم من ذلك، إلا من كان قد عرف بتوليد العيب، أو مغالطة البينات، أو العمل بما لا يجوز، فليخرجه، ولا يزداد الوكلاء على ما يعطي الناس، فإذا نادى باسم الرجل، دخل وكيله إذا ثبتت وكالته عنده، وينبغي أن يكتب عنده من قد وكل، لئلا يخاصم من ليس بوكيل للرجل، فإذا شك فيه نظر فيما في كتابه.
ومن كتاب ابن سحنون: وكان يقول: لا يجوز للقاضي أن يأتي إلى أحد من الناس إلا إلى الأمير الذي استقضاه/، لا وزير، ولا ابن عم، ولا صاحب، ولا غيرهم، لأن هؤلاء من رعية القاضي؛ لأن قضاءه عليهم ولهم جائز، فإذا جاء القاضي إلى رجل من رعيته، لم يقدر أحد أن يستعدي عليه مع م في هذا من فساد السلطان في أمانته، وكان يقول: القاضي ينظر فيما ينظر فيه الخليفة من جميع الأشياء، ينظر في كل ما تحت يدي الخليفة، وإنما كان الخلفاء يلون النظر لأنفسهم، فلم يكن لأحد منهم قاض علمناه، فلما انشغلت الخلفاء فيما انشغلت فيه؛ منهم من اشتغل بالحرب، ومنهم من اشتغل بالدنيا. ولوا القضاة، [8/ 131]