وبالمال ولو مجهولًا إذا كان دينًا صحيحًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والله الموفق. بقي جواز الكفالة في حقوق العباد كالديون وهو ظاهر في عدم جوازها في حقوقه تعالى (وبالمال) عطف على النفس أطلقه فشمل ما إذا كان الأصيل مطالبًا به الآن أو لا فتصح عن العبد المحجور بما يلزمه بعد العتق بالاستهلاك أو قرض ويطالب الكفيل الآن كما لو أفلس القاضي المديون وله كفيل، فإن المطالبة تتأخر عن الأصيل دون الكفيل، كذا في (التتارخانية) (ولو) كان المال (مجهولًا) لابتنائها على التوسع وقد أجمعوا على صحتها بالدرك مع أنه لا يعلم كم يستحق من المبيع (إذا كان دينًا صحيحًا) وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء فلا يجوز ببدل الكتابة ولا بدين على كل من دخل في كتابته لسقوطه بدونهما وبدل السعاية كبدل الكتابة عنده خلافًا لهما كذا في (البزازية) وغيرها وكان الحق ببدل الكتابة وإلا فهو دين صحيح بهذا التفسير فإن قلت: دين الزكاة كذلك ولا تصح الكفالة به. قلت: إنما لم يصح لأنه ليس دينًا حقيقة من كل وجه.
تنبيه: يستثنى من صحة الكفالة بالدين الصحيح ما لو كان لهما دين على رجل فكفل أحدهما لصاحبه حصته فإنه لا يجوز لأنه تعذر تصحيحها بنصف مقدر، لأن قسمة الدين قبل قبضه لا تجوز أو شائعًا لأنه يصير كفيلًا لنفسه لأن له أن يأخذ من المقبوض نصفه، كذا في (المحيط) وقالوا: لو أعتق عبده على مال صحت الكفالة، ولو كان للمكاتب مال على رجل فأمره بدفعه لمولاه من مكاتبته أو دين سوى ذلك جاز، لأن ذلك المال واجب للمكاتب على الكفيل وهذا أمر منه أن يدفع عليه لمولاه، كذا في (البزازية) وهو ظاهر في أن هذا ليس بكفالة ببدل الكتابة فلا يرد بل إذن الدين ومقتضاه أن للمكاتب أن يرجع على الآمر بالدفع ولا يصح أن يكون حوالة، إذ لو كانت لعتق المكاتب، وفي (التتارخانية) لو ضمن بدل الكتابة وأدى رجع بما أدى يعني إذا كانت الكفالة بأمره، وفي (البزازية) دفع إلى محجور دراهم لينفقها على نفسه فكفل بها إنسان لا يصح ولو قال له: ادفع له العشرة على أني ضامن لك جازت، فطريقه أن يجعل الضامن مستقرضًا من الدافع والصبي نائب عنه في القبض، وكذا الصبي المحجور إذا باع شيئًا فكفل رجل بالدرك للمشتري إن بعد قبض الصبي الثمن لا يجوز ولو قبضه جاز، ولو اشترى متاعًا فضمن رجل الثمن للبائع عنه يلزم الكفيل الثمن ولو ضمن المتاع بعينه جاز، وفي (المحيط) كانا في سفينة فانتهيا إلى مكان قليل الماء فقال أحدهما لصاحبه: ألق متاعك في الماء على أن متاعي بيني وبينك على أنه فاسد ويضمن لصاحبه قيمة متاعه لأنه تعليق التمليك