ولا يحبس فيهما حتى يشهد شاهدان مستوران أو عدل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بنفسهما لا تجوز إجماعًا إذ لا يمكن استيفاؤهما في الكفيل، وألحق التمرتاشي والمحبوبي حد السرقة بحد القذف على المذهبين وقيد بالقصاص لأنه في القتل والجراحة خطأ يجبر على الكفيل، يعني إجماعًا لأن الموجب هو المال، ولا خلاف أيضًا أن يجبر في التغرير لأنه من حقوق العباد وظاهر كلامهم إنما كان منه حقًا لله تعالى لا تجوز الكفالة به (ولا يحبس) المدعى عليه (فيهما) أي: في الحدود والقصاص (حتى يشهد شاهدان مستوران أو) واحد (عدل) يعرفه القاضي بذلك لأن الحبس هنا للتهمة من باب دفع الفساد وهو من الديانات وهي تثبت بأحد شرطي الشهادة وقد حبس عليه الصلاة والسلام رجلًا بالتهمة، وذكر في (أدب القاضي) أنه على قولهما لا يحبس فيهما بشهادة العدل لحصول الاستيثاق بالكفالة. قال في (البحر): وكلامهم هنا يدل ظاهرًا على أن للقاضي أن يعذر المتهم وإن لم يثبت عليه، وذكر أنه كتب في ذلك رسالة، والذي يخصنا منها هنا أن ما كان من التغرير حقًا له تعالى فإنه لا يتوقف على دعوى ولا على ثبوت، بل إذا أخبر القاضي عدل بما يقتضيه فعليه لتصريحهم هنا بحبس المتهم بشهادة مستورين أو واحد عدل والحبس تعزير انتهى. فإن قلت: ينبغي/ أن يكون هذا رأي المتقدمين من جواز قضاء القاضي بعلمه، أما على رأي المتأخرين وهو المفتى به من أنه لا يقضي بعلمه في زماننا فينبغي أن يتوقف على الثبوت.
قلت: يجب أن يحمل الخلاف على ما كان من حقوق العباد، أما حقوق الله تعالى فيقضي فيها بعلمه، ويدل على ذلك ما في (الخانية) و (الظهيرية) و (الخلاصة) و (البزازية) الرجل إذا كان يصوم ويصلي ويضر الناس باليد واللسان وذكر بما فيه لا يكون غيبة وإن أخبر السلطان بذلك ليزجره فلا إثم عليه انتهى. وفي التعبير بالإخبار إيماء إلى أنه لا يحتاج فيه بلفظ الشهادة ولا إلى مجلس القضاء، وظاهر أن الإخبار كما يكون باللسان يكون بالبنان فإذا كتب إلى السلطان بذلك ليزجره جاز وكان له أن يعتمد عليه حيث كان معروفًا بالعدالة، وقد اكتفوا في الحرج والتعديل بكتابة المعدل إلى القاضي وكلامهم يعطي أن الحرج المجرد في حقوق الله تعالى مقبول وعلى هذا ما يكتب من المحاضرة في حق إنسان، فإن للحاكم أن يعتمده من العدول ويعمل بموجبه في حقوقه تعالى، وقد أفتيت بأنه لا شيء على الكتاب بذلك ومن أفتى فيه بوجوب التعزير فقد أخطأ، والفرع المتقدم ينادى بخطئه