وهو متبرع في الإنفاق على اللقيط واللقيطة وبإذن القاضي يكون دينا ولو كان لها نفع آجرها وأنفق عليها من أجرتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بجدها ربها) فحمله في (المبسوط) على ما كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - عن غلبة أهل الصلاح والأمانة أما في زماننا فالغلبة لأهل الفساد والغرابة ولا يؤمن من وصول يد خائنة إليها، فإذا جاء ربها لم يجدها، وعن هذا قيد المسألة في (الحاوي القدسي) بما إذا وجدها في مفازة أو برية فإن وجدها في غيرهما لا يأخذها ما لم يغلب على ظنه أنها ضالة بأن كانت في موضع لم يكن بقربه بيت مدر أو شعر أو قافلة نازلة أو دواب في مراعيها انتهى.
قال في (البحر): فلو وصف المصنف البهيمة بالضالة لكان أولى، وعندي أن لفظ الالتقاط يغني عنه (وهو متبرع في الإنفاق على اللقيط واللقطة) لقصور ولايته فصار كما لو قضى دين غيره بغير أمره (وبإذن القاضي يكون دينا)، صورة إذنه أن يقول له: أنفق على أن ترجع وإن لم يقل ذلك لا يكون دينا في الأصح.
وبه اندفع قول الشارح: إن هذا يشير إلى أنها تصير دينا بمجرد أمره وليس كذلك في الأصح نعم عبارة (المجمع) أوضح وأفود حيث قال: فإن أنفق الملتقط كان متبرعا إلا أن يأذن له القاضي بشرط الرجوع أو يصدقه اللقيط إذا بلغ أي يصدقه على أن القاضي أذنه بشرط الرجوع في المقدار الذي ادعى بصرفه عليه ويدل على ذلك ما في (فتح القدير) فإذا أنفق بالأمر الذي يصير به دينا عليه فبلغ فادعى أنه أنفق عليه كذا فإن صدقه اللقيط رجع عليه به وإن كذبه فالقول قول اللقيط وعلى الملتقط البينة انتهى، لا ما ادعاه ابن الملك من أنه إذا لم يأمره بالإنفاق فادعاه بعد بلوغه وصدقه اللقيط أنه أنفق للرجوع عليه فله الرجوع لأنه أقر بحقه وأبهم الديون لظهور أن اللقيط إذا بلغ ولم يدع أحد نسبه أو رقه فإن ادعاه أحد كان هو الأب أو السيد وفي اللقطة ربها ثم شرط في (الأصل) يعني لإذن القاضي له بالإنفاق وإقامة البينة وهو صحيح لاحتمال أن يكون غصبا وفيه لا يأمر بالإنفاق وإنما يأمره في الوديعة فلا بد من البينة لكشف الحال، وإن قال: لا بينة لي يقول له القاضي: أنفق عليها إن كنت صادقا فيما قلت. وصرح في (الظهيرية) بأن اللقيط كذلك (وإن كان لها نفع) بأن كان بهيمة يحمل عليها (أجرها) القاضي (وأنفق من أجرتها) لأن في ذلك إبقاء العين على ملكه من غير إلزام دين عيه وكذلك يفعل بالعبد الآبق كذا في (الهداية) وفي (الشرح) أنه لا يؤجر كما في (غاية البيان) إذ يخاف عليه الإباق.