ولا نقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام وندعو ندبا من بلغته وإلا نستعين بالله تعالى ونحاربهم بنصب المجانيق وحرقهم وغرقهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخص من ذلك أشياء سيأتي التنبيه عليها، (ولا نقاتل) أي: ولا يحل أن نقاتل (من لم تبلغه الدعوة) بالفتح (إلى الإسلام) لما روينا لأنهم بها يعلمون أن قتالهم على الدين لا غيره فلعلهم يؤمنون ولو قاتلوهم قبلها أثموا ولكن لا غرم بما أتلفوه من نفس أو مال، لأن مجرد الحرمة لا توجب ذلك.
قالوا: كان هذا في ابتداء الإسلام حين لم ينتشر الإسلام ولم يستفض وأما بعد ما استفاض وعرف كل مشترك إلى ماذا يدعى يحل القتال قبلها ويقام ظهورها مقامها، كذا في (المحيط) قال الشارح: وهذا صحيح ظاهر والدليل عليه ما روي عن ابن عون: (كتب إلى نافع أسأله عن ذلك فكتب إلي إنما كان ذلك في ابتداء الإسلام) وفي البخاري: (كان عليه الصلاة والسلام إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح فإذا سمع أذانا أمسك فإن لم يسمع أغار بعدما يصبح) والإغارة لا تكون إلا بعدم الإعلام وإذا كان هذا في زمنه عليه الصلاة والسلام لاشتهار الإسلام فما ظنك في زماننا ولأنهم لو اشتغلوا بالدعوة ربما يتحصنون. قال في (الفتح): ولا شك أن في بلاد الله من لا شعور له بهذا فيجب بأن المدار ظن أن هؤلاء لم تبلغهم الدعوة بقي ما لو بلغتهم الدعوة إلى الإسلام لكن لا يدرون أيقبلون منهم الجزية أم لا.
قال في (التاتارخانية): لا ينبغي أن يقاتلوهم حتى يدعوهم إلى الجزية (وندعو من بلغته) مبالغة في الإنذار هذا مقيد بأن لا يتضمن ضررا بأن يعلم انهم بها يستعدون أو يحتالون أو يتحصنون وغلبة / الظن في ذلك بما يظهر من أحوالهم [321/أ] كالعلم كذا في (الفتح) (وإلا) أي: وإن لم يقبلوا الجزية (نستعين بالله) عليهم لأنه الناصر لأوليائه القاهر لأعدائه وبه يستعان على كل حال (ونحاربهم بنصب المجانيق) على حصونهم لأنه عليه الصلاة والسلام (نصبها على الطائف) رواه الترمذي (وحرقهم) أراد حرق دورهم وأمتعتهم قاله العيني، والظاهر أن المراد حرق ذاتهم بالمجانيق وإذا جازت محاربتهم بحرقهم فمالهم أولى لأنه عليه الصلاة والسلام أحرق نخل بني النضير وقطعة وهي البويرة (وغرقهم) وغرق دورهم أيضا بانسياب الماء