وكره الجعل إن وجد فيء وإلا لا فإن حاصرناهم ندعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا وإلا إلى الجزية فإن قبلوا فلهم ما لنا وعليهم ما علينا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والذراري ما لم يبلغوا حصونهم، ولهم أن لا يتبعوهم في حق المال، وذراري أهل الذمة وأموالهم كأهل الإسلام، (وكره الجعل) بضم الجيم وهو ما يجعل للإنسان في مقابلة شيء يفعله، والمراد هنا أن يكلف الإمام الناس بأن يقوي بعضهم بعضا بالكراع أي: الخيل والسلاح وغير ذلك من النفقة والزاد (إن وجد فيء)، وهو المأخوذ بغير قتال كالخراج والجزية وأما المأخوذ بالقتال فيسمى غنيمة وإنما كره لأنه لا ضرورة إذ أن بيت المال جعل لنوائب المسلمين ولأنه يشبه الأجر، والوجه الأول يوجب الكراهة على الإمام، والثاني يوجبها على الغازي وعلى الإمام كراهية تسببه (وإلا) أي: وإن لم يوجد فيء (لا) أي: لا يكره لأن فيه دفع الضرر الأعلى بارتكاب الأدنى، بقي ما لو كان في بيت المال غنيمة فقط فظاهر ما مر من التعليل من أنه لا ضرورة تفيد أه يكره ويدل عليه ما في (الذخيرة) ومن قدر بنفسه ولا مال له فإن كان في بيت المال مال يعطيه الإمام كفايته من بيت المال وإلا فله أن يأخذ الجعل من غيره، وفي (غاية البيان) في شرح قوله ويكره الجعل ما دام للمسلمين فيء يعني إذا كانت في بيت المال ما يتقوى به الناس من الغنيمة للخروج إلى الغزاة يعطيهم الإمام من ذلك المال انتهى. وعليه جرى العيني حيث فسر الفيء بقوله: أي شيء من الغنيمة الموجودة في بيت المال لا يصرف في المقاتلة.

قال التمرتاشي: يكره ضرب الجعل على الناس ما دام لهم في فيء لأن فيه شبهة الأجر وإن لم يكن فلا بأس بذلك والأولى أن يغزو المسلم بمال نفسه ثم بيت المال انتهى. وليس فيه دلالة صريحة على المدعى، (فإن حاصرناهم) حبسناهم عن الخروج لإحاطتنا بهم (ندعوهم الإسلام) لقول ابن عباس (ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوما قط إلا دعاهم) رواه أحمد، (فإن أسلموا) بالقول أو بالفعل كما مر فبها (وإلا) أي: وإن لم يسلموا فندعوهم (إلى الجزية) لرواية مسلم وغيره (أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أمره بذلك)، وسيقيد المصنف هذا الإطلاق بغير مشتركي العرب والمرتدين وينبغي للإمام أن يبين لهم مقدار الجزية ووقت وجوبها والتفاوت بين الغني والفقير في مقدارها (فإن قبلوا) الجزية (فلهم ما لنا وعليهم ما علينا) لقول عي رضي الله تعالى عنه: (إنما بذلوا الجزية ليكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015