وَذكر القَاضِي بن معتب فِي وثائقه أَنه مَذْهَب مَالك وَأَصْحَابه وَذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَنه قَول نحاة الْبَصْرَة وَذكر ابْن هُبَيْرَة أَن قَول أهل اللُّغَة يُوَافق هَذَا القَوْل وَحَكَاهُ ابْن عقيل عَن القَاضِي أبي بكر بن الباقلاني وَهُوَ الَّذِي ذكره ابْن درسْتوَيْه والزجاج وَأَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي وَابْن قُتَيْبَة وَابْن جنى وَابْن عُصْفُور وَغَيرهم
وَقَالَ ابْن عبد الْقوي وَكَذَا أَكثر أهل اللُّغَة من الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين وَإِذا مَنعه أهل اللُّغَة لم يكن صَحِيحا وَلِأَن الِاسْتِثْنَاء وضع لِمَعْنى وَهُوَ الِاسْتِدْرَاك أَو الِاخْتِصَار وَلَيْسَ فِي الْحِكْمَة وجود ذَلِك فِي الْأَكْثَر ولأنا نمْنَع وجود ذَلِك فِي شرع أَو لُغَة أَو عَادَة فثبوته يفْتَقر إِلَى دَلِيل وَالْأَصْل عَدمه فعلى هَذَا لَا فرق عِنْد الْأَصْحَاب بَين اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر من عدد مُصَرح بِهِ إِلَّا تسعين وَنَحْوه أَولا
وَفِي كَلَام بَعضهم الْجَوَاز إِذا لم يكن كَذَلِك نَحْو قَوْلك خُذ مَا فِي الْكيس من الدَّرَاهِم إِلَّا السُّلْطَانِيَّة أَو قدم بَنو فلَان أَو الْحَاج إِلَّا المشاة وَإِن كَانَ الْمُسْتَثْنى أَكثر من الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَالْقَوْل الآخر عندنَا يَصح اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر وَقد ذكر القَاضِي وَجها وَاخْتَارَهُ فِيمَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ثَلَاثَة إِلَّا ثَلَاثَة إِلَّا دِرْهَمَيْنِ أَنه يلْزمه دِرْهَمَانِ وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيء على القَوْل بِصِحَّة اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وأصحابهما وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك نَقله صَاحب الْجَوَاهِر وَغَيره كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} والغاوون أَكثر بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى 12 103 {وَمَا أَكثر النَّاس وَلَو حرصت بمؤمنين} وَأجِيب بِأَن الغاوين أقل لِأَن الْمَلَائِكَة من الْعِبَادَة قَالَ الله تَعَالَى 21 26 {بل عباد مكرمون} وَكَون السِّيَاق فِي بني آدم لَا يمْنَع الْعُمُوم وَبِأَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ غير عدد صَرِيح أجَاب بِهِ القَاضِي وَأَصْحَابه وَبِأَن الِاسْتِثْنَاء فِي الْآيَة من غير الْجِنْس إِمَّا المُرَاد