وَأما على الرِّوَايَة الثَّانِيَة فقد يُقَال كَذَلِك أَيْضا لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالدَّعْوَى قبل الْقَبْض وَلم يقر إِلَّا بِأَنَّهُ قبض مَا هُوَ حَقه وَهَذَا اللَّفْظ لَيْسَ بِإِقْرَار بِحَال بِخِلَاف قَوْله كَانَ لي عَليّ فَإِن هَذَا اللَّفْظ لَو تجرد كَانَ إِقْرَارا
وَمِثَال ذَلِك أَن يَقُول ابتعت مِنْهُ بَعِيرًا وقبضته وَكَذَلِكَ كل قبض مَسْبُوق بِدَعْوَى الِاسْتِحْقَاق بِخِلَاف مَا لَو قَالَ قبضت مِنْهُ ألفا كَانَت لي عَلَيْهِ أَو كَانَت لي عِنْده فَإِن هَذَا بِمَنْزِلَة قَوْله كَانَ لَهُ عَليّ ألف وَقَضيته إِيَّاه أَو كَانَ لَهُ عِنْدِي غصب وأعطيته إِيَّاه لَكِن ذَاك إِقْرَار بِقَبض وَهَذَا إِقْرَار بِحَق
وَنَظِير هَذَا أَن يَقُول اقترضت مِنْهُ ووفيته أَو ابتعت مِنْهُ ووفيته فَإِن الْإِقْرَار بِأَسْبَاب الْحُقُوق من الْعُقُود وَالْفَرْض وَسَائِر الْأَفْعَال كَالْإِقْرَارِ بالحقوق فَقَوله كَانَ لَهُ على أَو عِنْدِي كَذَا أَو غصب أَو ثمن مَبِيع أَو قرض أَو أَعْطيته ذَلِك منزله قَوْله اقترضت مِنْهُ ووفيته أَو استعرت مِنْهُ وأعدت إِلَيْهِ وبمنزلة قَوْله قبضت مِنْهُ دين حق كَانَ لي عِنْده فَإِن الدّين يسْقط بِالْقضَاءِ وَالْإِبْرَاء
وجماع هَذَا كل إِقْرَار بِقَبض غير مُوجب للضَّمَان أَو غير مُوجب للرَّدّ هَل يَجْعَل إِقْرَارا بِقَبض مُجَرّد وَتسمع دَعْوَى المقبض بِاسْتِحْقَاق الرَّد أَو الضَّمَان
لَكِن فرق بَين أَن يقر بِقَبض حَقه وَبَين أَن يقر بِقَبض مَال الْمُعْطى ويدعى قبضا غير مَضْمُون فَالْأول قَبضته الدّين الَّذِي كَانَ لي عَلَيْهِ أَو الْوَدِيعَة الَّتِي كَانَت لي عِنْده أَو الْعَارِية أَو الْغَصْب وَالثَّانِي أودعني أَو رهنني وَنَحْو ذَلِك
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية إِذا قُلْنَا بِظَاهِر الْمَذْهَب وَأَنه لَيْسَ بمقر بل مُنكر فَهَل يحلف على بَقَاء الِاسْتِحْقَاق أَو يحلف على لفط الْجَواب إِن اتفقَا على نفي الِاسْتِحْقَاق فَلَا ريب وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَن تطابق الْيَمين جَوَاب الدَّعْوَى فَيحلف لقد رددت عَلَيْهِ هَذِه الْألف الَّذِي يدعى بِهِ أَو لقد وفيته إِيَّاهَا وَإِن لم