الجمع، كما قال: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنعام: 45] ، ومثله: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] .
والقول الثالث: أنه عنى (أبا بكر) وقيل (عمر) وقيل (علي) رضي الله عنهم.
وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} يجوز في قوله: {هُوَ} وجهان:
أحدهما: أن يكون فصلاً دخل ليفصل بين المبتدأ والخبر، والكوفيون يسمونه (عماداً)
والثاني: أن يكون مبتدأ و {مَوْلَاهُ} الخبر، والجملة خبر {إِن} .
ومن جعل {مَوْلَاهُ} بمعنى السيد والخالق كان الوقف على قوله: {مَوْلَاهُ} وكان {جِبْرِيلُ} مبتدأ و {ظَهِيرٌ} خبره. ومن جعل {مَوْلَاهُ} بمعنى ولي وناصر جاز أن يكون الوقف على قوله: {جِبْرِيلُ} ، وجاز أن يكون على قوله: {صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ويبتدأ {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} ، فيكون {ظَهِيرٌ} عائداً على {وَالْمَلَائِكَةُ}
* * *
قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم وخارجة عن نافع {وَكُتُبِهِ} وقرأ الباقون "وَكَتَبِهِ"، والمعنى واحد، إلا من قرأ بالإفراد جعل الواحد في موضع جمع، ومن قرأ على الأصل؛ لأن الله تعالى قد أنزل عدة كتب قبل مريم - عليها السلام - وقد آمنت بجميعها، ويجوز أن يعود قوله: "وكَتَبهِ" على التوارة؛ لأنها كانت أظهر عندهم، وإذا حمل على الجمع أراد التوارة وصحف إبراهيم وإدريس وآدم - عليهم السلام - وغيرها من الصحف التي أنزل الله تعالى.
ويسأل عن قوله: {مِنَ الْقَانِتِينَ} ، كيف قال: من القانتين، ولم يقل من القانتات؟
والجواب: أن القنوت يقع من المذكر والمؤنث، وإذا اجتمعا غلب الذكر على المؤنث، فكأنه في التقدير: كانت من العباد القانتين، فعم في القانتين، ولأنها كانت في قنوتها