والوجه الثاني: أن يكون {قَلِيلًا} خبرً لكانوا، والمعنى: كان هؤلاء قليلاً، ثم قال: من الليل ما يهجعون، أي: ما يهجعون شيئاً من الليل.
فعلى الوجه الأول يهجعون عجوعاً قليلاً، وعلى القول الثاني لا يهجعون البتة.
والهجوع: النوم، وهو قول ابن عباس وإبراهيم الضحاك، والأول قول الحسن والزهري. و {مَا} في القول الأول صلة، وفي القول الثاني نافية، وقيل {مَا} مصدرية، والتقدير؛ كانوا قليلاً هجوعهم، وقدر بعضهم {قَلِيلًا} نعتاً لظرف محذوف، أي: كانوا وقتاً قليلاً يهجعون، وكل محتمل، قال قتادة: لا ينامون عن العتمة ينتظرونها لوقتها؛ كأنه عد هجوعهم قليلاً في جانب يقظتهم للصلاة، ولا يجوز أن تجعل {مَا} نفياً وينصب بها {قَلِيلًا} ؛ لأن ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله.
* * *
قال الضحاك: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} ، أي المطر، لأنه سبب الخير، قال مجاهد: {وَمَا تُوعَدُونَ} من خير أو شر، وقيل: ما توعدون؛ الجنة؛ لأنها في السماء قال الفراء؛ أقسم بنفسه إن الذي قال لكم حق مثل ما إنكم تنطقون، قال: وقد يقول القائل كيف اجتمع {مَا} و {إِنَّ} وقد يكتفى بإحداهما من الأخرى؟ وفي هذا وجهان:
أحدهما: أن العرب تجمع، بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلف لفظهما، في الأسماء، قال الشاعر: