ينذر آباؤهم، على جحد؛ لأن عرب الجاهلية لم يكن فيهم نبي قبل محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا التأويل إنما يصح إذا كان (القوم) هاهنا يعني بهم العرب المضرية والعدنانية، فأما القحطانية فقد كان فيهم هود وصالح وشعيب - عليه السلام -، ومبعد أيضا من قبل أن قيساً بعث فيهم خالد بن سنان، وهو الذي أطفأ نار الجمرة التي كانت ببلاد قيس، وروي أن بنته وفدت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكرمها، وقال: (هذه بنت نبي ضيعه قومه) ، وقال عكرمة المعنى: لتنذر قوماً كالذي أنذر آباؤهم، فعلى هذا يكون الإنذار لجميع الناس، وتحتمل {مَا} على هذا الوجه أن تكون بمعنى (الذي) ، فيكون التقدير: لتنذر قوماً كالذي أنذر آباؤهم.
وتحتمل أن تكون مصدرية والتقدير: لتنذر قوماً كإنذار آبائهم.
* * *
قال قتادة ومجاهد في قوله: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} أي: أعمالهم: وقال مجاهد: {وَآثَارَهُمْ} خطاهم إلى المساجد قال غيره: {وءاثارهم} ما أثروا من الآثار الصالحة أو غير الصالحة، فعمل بها فلهم أجر من عمل بها بعدهم، أو وزره وهو قول الفراء.
و (الإمام) هاهنا الكتاب الذي تثبته الملائكة عليهم السلام، وتكتب فيه أعمال العباد.
وأجمع القراء على النصب في قوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ} على إضمار فعل، والمعنى: أحصينا كل شيء أحيناه، قال الفراء: والرفع وجه جيد، قد سمعت ذلك من العرب.