وقرأ عاصم وحمزة من طريق أبي بكر {تُوقِدُ} بضم التاء والقاف مخففة، أعاد الضمير على الزجاجة، وقرأ أبو عمرو وابن كثير {تَوقَدَ} فتح التاء والقاف والدال، أعاد الضمير على المصباح، وجعلا الفعل ماضيا، وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم {يُوقِدُ} بالياء مخففا، أعادوا الضمير على المصباح أيضا، وجعلوا الفعل مستقبلا لما لم يسم فاعله.
واختلف في المشكاة: فقيل: هي رومية معربة.
قال الزجاج: يجوز أن تكون عربية؛ لأن في الكلام مثل لفظها (شكوة) وهي قرية صغيرة، فعلى هذا تكون (مشكاة) (مفعلة) منها، وأصلها، مشكوة، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
* * *
قوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] .
اللجنة: معظم البحر الذي لا يرى له ساحل.
ومعنى الآية: أن أعمال الذين كفروا كسراب بقيعة في أنه يظن شيئا وليس بشيء، وهذا من التشبيه المعجز؛ لأنه تشبيه ماله حقيقة بما ليس له حقيقة، لما كان عاقبة ماله حقيقة إلى لا شيء.
{أَوْ كَظُلُمَاتٍ} في أن أعمالهم مظلمة، وبالغ الله تعالى في صفة هذه الظلمات لكثرة حيرة الذين كفروا في أعمالهم وجهلهم.
واختلف العلماء في قوله: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} :
فقال الجمهور من العلماء المعنى: لا يراها ولا يقارب رؤيتها؛ لأن دون هذه الظلمة لا يرى فيها.