وقال الحسن: الضمير يعود على النبي - عليه السلام -، أي: وأذن يا محمد في الناس بالحج، فأذن في حجة الوداع.
وقوله: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} ، أي: مشاة على أرجلهم، وهو جمع (راجل) ، كصاحب وصحاب، يدل على ذلك قراءة من قرأ {يَأْتُوكَ رِجَالًا} .
{وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} : أي على جمع ضامر، أي مهزول من السفر، وقال {يَأْتُين} ؛ لأن كل ضامر في معنى الجمع، والجمع مؤنث، ويجوز أن يعنى بالضامر هاهنا الناقة، لأنه يقال: ناقة ضامر وضامرة وقد قرأ بعضهم {يَأْتِونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} ، حمل على المعنى: أي: يأتي ركاب كل ضامر من كل فج عميق.
قرأ الكسائي {ثُمَّ لْيَقْضُوا} [الحج: 29] بإسكان اللام، وهذه القراءة فيها بعد عند البصريين من جهة إسكان (اللام) ؛ لأن هذه (اللام) أصلها الكسر، وإنما تسكن إذا وقع قبلها حرف يتصل بها كالواو والفاء كما يفعل بـ: (هو) إذا اتصلتا به، نحو: فهو وهو وما أشبه ذلك، فهذا مشبه بعضد في عضد، و (اللام) معها في نحو: فليقم وليخرج مشبهة بفخذ في فخذ وليست (ثم) مالفاء والواو؛ لأنه حرف قائم بنفسه يحوز الوقوف عليه، ولا يجوز الوقوف على الواو والفاء، إلا أن أبا علي اعتذر له بأن قال: (ثم) على ثلاثة أحرف ساكنة الأوسط فكأنه وقف على الميم الساكنة المدغمة ثم ابتدأ (ليقضوا) .
فأما في قوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا} {ولْيُوفُوا} وما أشبه ذلك فإسكان اللام حسن جميل، وكسرها جائز على الأصل، وكسر اللام في قوله: (ثُمَّ لْيَقْضُوا) أقيس، والإسكان يجوز على الوجه الذي ذكره أبو علي.