وعن هذا ثلاثة أجوبة:

الأول: أن المعنى خلقنا آباءكم، ثم صورنا آباءكم، وهذا يروى عن الحسن من كلام العرب: نحن فعلنا بكم كذا وكذا، وهم يعنون أسلافهم، وفي التنزيل: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} [البقرة: 63] . أي: ميثاق أسلافكم الذين كانوا على زمن موسى - عليه السلام -.

والثاني: أن المعنى خلقنا آدم ثم صورناكم فيى ظهره، وهو قول مجاهد.

والثالث: أن الترتيب وقع في الإخبار؛ كأنه قال ثم إنَّا نخبركم أنَّا قلنا للملائكة؛ كما تقول: أنا راجل ثم أنا مسرع، وهذا قول جماعة من النحويين منهم: علي بن عيسى والسيرافي وغيرهما، وقال الأخفش: (ثم) هاهنا بمعنى (الواو) ، وأنكره الزجاج، وقال الشاعر:

سألت ربيعة من خيرها أبا ثم أما فقالت لمه

أي: ليجيب أولاً عن الأب ثم الأم.

* * *

قوله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] .

الآعراف: المواضع المرتفعة؛ أخذ من عرف الفرس، وكل مرتفع من الأرض عرف، قال الشماخ:

فظلت بأعراف تعالى كأنها رماح نحاها وجهة الريح راكز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015