والثالث: أنه على التقديم والتأخير؛ كأنه قال: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون كذلك، وهذا قول سيبويه.
وقال الشاعر:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق
وقوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 71] .
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي "أن لا تكون فتنة"، وقرأ الباقون "ألا تكون" بالنصب. ولم يختلفوا في رفع {فِتْنَةُُ} ويجوز نصبها.
فمن قرأ بالرفع جعل (أن) مخففة من الثقيلة، وأضمر الهاء، وجعل {حَسِبُواْ} بمعنى {عَمُواْ} ، وعلى هذا الوجه تثبت النون في الخط.
أما النصب: فعلى أنه جعل (أن) الناصبة للفعل، ولم يجعل {حَسِبُواْ} بمعنى (العلم) وعلى هذا الوجه تسقط النون من الخط.
وأما رفع {فِتْنَةُ} فعلى أن تكون {تَكُونَ} بمعنى الحضور والوقوع، فلا تحتاج إلى خبر.
ويجوز أن تكون ناقصة، فتنصب {فِتْنَةُ} على الخبر، ويضمر الاسم.
وأما قوله: {كَثِيرٌ مِنْهُمْ} ، فيرتفع من ثلاثة أوجه.