قوله: (وَتَغيير الفَهمِ) (?) هَكذا رأيتُهُ في غيرِ مَا نُسخَة، وصوابُهُ (التَّغيرُ) (?)؛ لأنَّه يَتغيرُ مِنْ غَيرِ اختيارِهِ، لا أنّهُ هو يُغيِّرُ نفسَهُ، وَيجوزُ أنْ يَكونَ المرادُ: تَغييرُ اللهِ لعقلِهِ، وَالأوّلُ أحسنُ؛ لأنَّهُ المتبادرُ.
قوله: (مَخَافَةَ أنْ يَبدأَ بِهِ) (?) هو بدلٌ منْ قولِهِ: ((لأنَّ الغالِبَ)).
ويجوزُ أنْ يكونَ مهموزاً فيكونَ معنَاهُ: يَبتديءُ، وَأنْ يَكون غَيرَ مهموزٍ فيكونَ بمعنى: يَظهرُ.
قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ في " الاقتراحِ " (?): ((وهذا - أي: الإمساك - عندمَا تظهرُ أَمَارةُ الاختلالِ، وَيخافُ منهَا، فأمّا منْ لمْ يظهرْ ذَلكَ فيهِ فَلا يَنبغي الامتناعُ؛ لأنَّهُ هذا الوقتُ أحوَجُ مَا يكونُ الناسُ إلى روايتِهِ. وَهكذا القولُ في الأعمَى، إذا خِيْفَ مِنْهُ التَّخْلِيطُ)). انتهى.
وهو حسنٌ إذا كانَ لَهُ منْ / 236 أ / يَثقُ بِهِ في مثلِ هذا، وأوصَاهُ أنَّهُ إذا رأى مِنْهُ أَمَارَةَ التّخليطِ منعَهُ، وإنْ لم يجدْ كانَ ما قالَ الجماعةُ هو المَظنَّةُ، فالحكمُ لَهُ كمَا دلَّ عليهِ كلامُ ابنِ خلاّدٍ، وما وجَّههُ بِهِ القاضي عياضٌ وابنُ الصلاحِ.
قالَ ابنُ الصّلاحِ: ((ووجهُ مَا قالَ - يعني: ابنَ خلاّدٍ - أنَّ منْ بلغَ الثَّمانينَ ضَعُفَ حَالُهُ في الغالبِ، وَخِيفَ عَليهِ الاختلالُ والإخلالُ، وأنْ لا يُفطَنَ لهُ إلاّ بعدَ أنْ يخلِطَ، كمَا اتفقَ لغيرِ واحدٍ مِنَ الثّقاتِ منهم: عبدُ الرزاقِ، وسَعيدُ بنُ أبي عَروبةَ))، ثمَّ قالَ: ((وقدْ حدَّثَ خلقٌ بعدَ مجاوَزةِ هذا السّنِّ فساعدَهُمُ التوفيقُ وصَحِبَتْهُمُ السّلامةُ)).