/ 249 ب / قولُهُ: (وبِالصَّحِيْحَيْنِ ابدَأنْ) (?) الذي يقتضيهِ شرحُ النّاظمِ أنّ المرادَ البداءةُ بالسماعِ.
والذي يقتضيهِ صنيعُ ابنِ الصّلاحِ أنّ المرادَ هنا البداءةُ بالتفهمِ بعدَ السّماعِ، أي: أنّهُ يرتّبُ طلبَهُ للكتبِ في التفهمِ كمَا يُرتِّبُ طلبَهُ لها في السَّماعِ؛ لأنَّهُ قالَ:
((ثُمَّ لا ينْبَغِي لطالبِ الحديثِ أنْ يقتصرَ عَلَى سَماعِ الحديثِ وكَتْبِه دونَ مَعْرفَتِهِ)) (?) فهو في معرضِ الحثِّ على التفهمِ، وأمَّا الحثُّ على السّماعِ والأمرُ بتقديمِ مَا ينبغي، فقدْ قدّمَهُ في قولِهِ قبلَ ذلكَ بقليلٍ: ((وإذا أخذَ فيهِ - أي: في السّماعِ (?) - فَلْيُشَمِّرْ عَنْ ساقِ جُهْدِهِ واجْتِهادِهِ، ويَبْدأْ بالسَّماعِ مِنْ أسْنَدِ شُيوخِ مِصْرهِ ... )) الخ (?).
وقولُهُ هنا: (وليُقَدِّم العنايَةَ بالصحِيحَين، ثُمَّ بسنَنِ أبي داودَ، وسُنَن النَّسائِيِّ، وكتاب التِّرمذِيِّ، ضَبْطَاً لِمُشْكِلِها وَفَهْماً لخفيِّ مَعانيها ... ) إلى آخر كلامه (?).
ظاهرٌ في ذلكَ، فإنّ ((ضبطاً)) تمييزٌ، أي: يقدّمُ هذهِ الكتبَ منْ هذهِ الجهةِ وهوَ محوّلٌ عنِ المفعولِ، أي: يقدّمُ العنايةَ بضبطِ كذا، ويقدّمُ ضبطَ ذلكَ، ويمكنُ ((الاعتناءُ)) بما فهمَهُ الشّيخُ: فيُجعل المصدرانِ حالينِ منَ الضميرِ في: ليقدّم فيكونانِ بمعنى اسمِ الفاعلِ، والتقديرُ: يقدّم ذلكَ في السّماعِ حالَ كونهِ ضابطاً