وإنما يؤخذ بالأَحدث من الأَحكام، وهذا ما يُعرف بالنّسخ، وإنما يمكِنُ للباحث معرفة ذلك من خلال النظر في آثار الصحابة؛ فهمًا وعملًا.
37 - قال الْمُصَنِّف (?):
"فإن قلتَ: حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - عند أحمد- رحمه الله تعالى-، وابن ماجه -رحمه الله تعالى- قالت: ذُكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا القِبلة بفروجهم؟ فقال: "أَوَ قد فعلوها؟! حولوا مِقعدتي قِبَل القبلة" قلتُ: لو صحَّ هذا لكان صالحًا للنسخ؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله لقصد التشريع للأُمّة؛ ولمخالفة من كان يكره الاستقبال.
ولكنه لم يصح؛ فإنّ في إسناده خالدَ بنَ أَبي الصّلت، قال ابن حزم: "هو مجهول"، وقال الذهبي في "الميزان"- في ترجمة خالد بن أَبي الصّلت-: "إن هذا الحديث منكر".
قال الفقير إلى عفو ربه:
قال ابن القيم -رحمه الله-: "هذا حديث لا يصحُّ، وإنما هو موقوف على عائشة؛ حكاه التّرمذي في كتاب "العلل" عن البخاري، وقال بعض الحفاظ: هذا حديث لا يصح، وله علّة لا يدركها إلا المعتنون بالصّناعة، المعانون عليها؛ وذلك أَن خالد بن أَبي الصلت، لم يَحفظ متْنَه، ولا أَقام إسناده؛ خالف فيه الثقةَ المثبت صاحبَ عراك بن مالك -المختصّ به الضّابط لحديثه -جعفر بن ربيعة الفقيه، فرواه عن عراك، عن عروة، عن عائشة: أنها كانت تنكر ذلك.
فبين أَن الحديث لعراك عن عروة ولم يرفعه، ولا يجاوز به عائشة، وجعفر بن ربيعة هو الحجة في عراك بن مالك؛ مع صحة الأَحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهرتِها بخلاف ذلك.