وأُجيب عن هذا: بأَنّه صرّح بالتّحديث في رواية أَحمد (?)، وأَبي داود (?)، وابن الجارود (?).
الثالث: أَن محمد بن إسحاق قد خالف في هذا الحديث مَن هو أَوثقُ منه؛ فالحديث شاذ، والشاذ من أَقسام الضعيف، ومن تأَمّل ترجمة ابن إسحاق وجَدَ الذهبي يقول عنه: "له شذوذات"، وهذا من شذوذاته، ومنها: أنّ النَّاس يقولون: "إن يد السّارق تقطع في ثلاثة دراهمَ"، وهذا ثابت في "الصحيحين" من حديث ابن عمر، وعائشة، وغيرهما، ثم جاء ابن إسحاق وقال: "تقطع في عشرة دراهمَ".
ومن شذوذاتِه: "أَن المحرِم إذا لم يَطُف قبل مغيب الشّمس عاد كهيئته حرمًا".
فهذا الحديث ضعيف -وإن صحّحه البخاري-؛ لمخالفتِه أَحاديثَ الثقات الأَعلام.
36 - قال الْمُصَنّف (?):
"ولا يخفى أنَّه قد تقرّر في الأُصول: أَن فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض القول الخاصّ بالأُمّة، فما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض النهي عن الاستقبال والاستدبار للقِبلة".
قال الفقير إلى عفو ربه: والحق أَنْ لا تعارض بين قوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله، وقد أُمرنا بالأَخذ بكلّ منهما، وما ظُنّ فيه التعارض؛ فيجب أَن يحمل على العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد؛ هذا إذا أَمكن الجمع، أما إذا لم يُمْكِنِ الجمع بأيّ وجه من وجوه التوفيق؛ فإن القول يُقدَّم على الفعل؛ لأَنه مُحكَم، والفعل محتمل؛ ولأَنه ناقل عن الأَصل، والفعلُ على الأَصل،