"بولُ الغلام الرَّضيعِ ينضحُ، وبولُ الجارية يُغْسَلُ".

وأَخرج -أَيضا- ابْنُ ماجه، وَأَبو داود بإسنادِ صحيح عن عليّ؛ موقوفًا.

وأخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبَّان، والطبراني، من حديث أُمّ الفضل -لُبابة بنت الحارث-، قالت: بال الحسين بن علي في حِجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! أعطني ثوبك والبس ثوبًا غيره حتى أغسله، فقال: "إنما يُنْضَحُ من بول الذكَر، ويُغْسَل من بول الأُنثى".

وثبت في "الصحيحين"، وغيرهما من حديث أم قيس بنت مِحصن: أنّها أتت بابنِ لها صغير -لم يأكل الطعام- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فنضحه ولم يغسله.

وفي "صحيح البخاريّ" من حديث عائشةَ، قالت: أُتيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَصَبى يُحَنكُه، فَبال عليه، فأَتبَعَه الماء.

وفي "صحيح مسلم" عنها، قالت: كان يؤْتَى بالصبيان، فَيُبرك عليهم، ويحنكُهم، فأتي بصبي، فبال عليه، فدعا بماءٍ، فأَتبَعه بولَه ولم يغْسِله.

فهذا تصريح بأَنه لم يغسِلْه، فيكون إتباعُه الماءَ مجرّد النّضح، كما وقع في الحديثين الآخرين، أَو مجرّد صبّ الماء عليه من دون غسل.

وبالجُملة: فالتَّصرِيح منه - صلى الله عليه وسلم - بالقولِ بما هو الواجِبُ في ذلك؛ هو الأَولَى بالاتباع؛ لكَونِه كلامًا مَعَ أُمَّتِه، فلا يُعارِضُه ما وقع من فِعْلِه؛ على فَرَضِ أنّه مُخالِفٌ للقَوْل".

قال الفقير إلى عفو ربه: وَهنا لا يَظْهَرُ -مُطْلَقًا- أَدنَى تعارُض بينَ قولِه - صلى الله عليه وسلم - وَفعلِهِ؛ فإنّه يجِبُ حَمْلُ الْمُجمَلِ -في قولِها: "فأَتبَعَهُ الْماءَ" -علَى الْمُبَينِ- في رِوايَةِ: "وَلَمْ يَغْسِلْهُ"-؛ والْفِقه إنما يُؤخَذُ من مَجْمُوع النُّصوصِ والطُّرُقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015