فإن الأَصل في جميع الأَشياء الطهارةُ، والحكم بنجاستها حكمٌ تكليفيّ؛ تعمُّ بها البلوى، ولا يَحلُّ إلا بعد قيام الحُجة.
قال الماتن -رحمه الله تعالى-: ولا يخفى عليك أَن الأَصل في كل شيء أنَّه طاهر؛ لأَنّ القول بنجاسته يستلزم تعبُّدَ العباد بحكم من الأَحكام، والأَصل عدم ذلك، والبراءة قاضية بأَنه لا تكليف بالمحتمل حتى يثبتَ ثبوتًا يَنْقِلُ عن ذلك، وليس مَنْ أَثبَتَ الأَحكام المنسوبة إلى الشّرع بدون دليل بأَقَلَ إثمًا ممَّن أَبطل ما قد ثبت دليله من الأَحكام، فالكلُّ إمّا من التقوّل على الله -تعالى- بما لم يقل، أَو مِنْ إبطال ما قدْ شَرَعَه لِعبادِه بلا حُجة".
قال الفقير إلى عفو ربه: غاية ما اعتمَدُوا عليه -رحمهمُ الله تعالى-: هو قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "عامَّةُ عَذاب الْقَبْرِ مِنَ البَوْلِ؛ فَتَنَزهُوا مِنَ الْبَوْلِ" (?)؛ فَظَنُّوا أَن هذا عامٌّ في جَمِيعِ الأَبوالَ!
والْحَق أنَّه ليسَ كذَلِكَ؛ فإن اللام لِتَعْريف الْعَهد، والبَولُ المعْهود: هو بولُ الآدَمي؛ فَفي حدِيثِ ابنِ عبّاسِ - رضي الله عنهما -: "كانَ أَحَدُهما لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ" (?)، وهذا صَريحٌ في أَن الْمُرادَ: بولُ الآدَمِي.
10 - قال الْمُصَنِّف (?):
"إلَّا الذكر الرَّضِيع؛ لحديث: "يُغسَلُ من بول الجارية، ويُرَشُّ من بول الغلام": أخرجه أبو داود -رحمه الله تعالى-، والنسائيُّ -رحمه الله تعالى-، وابن ماجه، والبزار، وابن خزيمة، من حديث أبي السمح -خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصححه الحاكم.
وأَخرج أَحمد والترمذي- وحسّنه-، من حديث عليّ - رضي الله عنه -، أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: